Topics
قال الله تعالى : (( هُوَ الَّذِي أَنزَلَ
مِنَ السَّمَاء مَاء لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ
،يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِن
كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ )) (آية 10-
11 سورة النحل).
إن السحب تنقشع بعد هطول الأمطار وتصبح السماء
صافية، فلا تبقى الأمطار هطالة ولا السماء غائمة، وهاتان الحالتان إنما تتعاقبان،
فلو استمر هطول الأمطار لاختفت كافة المواد الغذائية من الخضار والحبوب وانسدت
كافة الطرق، وتعطلت أنشطة الحياة، وعلى العكس من ذلك فلو انقطع المطر وأضحت السماء
صافية لغارت مياه العيون والبحيرات بعد أسونها وتغيرها وامتلأ الجو بالغازات
السامة، وانتشرت الأوبئة في الأرض، واحترقت المراعي، ويبست الغابات وحرمت النحل مص
العسل من الأزهار وهكذا ينتهي إنتاج العسل الذي فيه شفاء للناس، ولقد قال الله
تعالى: (( وَلَكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاء إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ
بَصِيرٌ ))(آية 27 سورة الشورى).
وأحد أسس حياة كل كائن حي هو الهواء، فلو
أمسكه الله تعالى ولو لهنيهة لأدركت المنية كل حي، هو والماء الذي أسلفنا البيان
عن أهميته، فإن للرياح ضلعا كبيرا في سوقه من السماء إلى الأرض، فالرياح أولا تبخر
المياه بمساعدة حرارة الشمس وتحملها إلى الفضاء العالي ثم تتكون من الأبخرة سحبا
سوداء ثم تسوقها إلى بلد ميت، وبعد ذلك تنهمر الأمطار على الأرض،قال الإمام
الغزالي ما معناه:"فالرياح الشرقية تحرك السحاب إلى الإتجاه الفوقي،والرياح
الشمالية تجمع السحاب قطعة قطعة، والرياح الجنوبية تدر السحاب بينما الرياح
الغربية تسقي الأرض في شكل الأمطار المغدقة"
ولقد قال الله سبحانه وتعالى: ((
وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء
فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ ))( آية 22سورة الحجر).
والرياح هي التي تسوق السحب إلى المناطق
المختلفة فينتفع بمائها الفلاحون في إخراج الحبوب الغذائية، ولو لم تكن الرياح
لتعلقت السحب، وهي مثقلة، في عنان السماء ولم ترتوي الأرض بمائها، وبفضل الرياح
تجري السفن التي تنقل مواد الغذاء وأسباب الحياة من مكان إلى آخر، وهكذا يستفيد
سكان كل منطقة من منتجات المنطقة الأخرى فلو سكنت الريح لبقيت السفن رواكد على
ظهر الماء وانحصرت هذه الفائدة في المنطقة المنتجة لا غير.
والرياح لها دور بارز في تطهير الجو والحد من
تلوث البيئة، وسوق الأتربة والغبرة إلى
الحدائق والروضات فتكون مادة غذائية للأشجار.
وإذا هبت الرياح على سطح البحر ساقت إلى
الساحل أشياء كثيرة مما دق أو جل، فلا شك أن تسيير هذا النظام بهذه الحكمة والدقة
البالغتين إنما يرجع فضله إلى الله تعالى الملك القدوس فالله أكبر.
وكم يبعث على العجب أن كل أداة من جهاز هذا
الكون إنما تقدم خدمات جبارة وأعمالا جساما لإبقاء حياة الإنسان أشرف خلائق الله
تعالى فبأي آلاء ربك تتمارى أيها الإنسان؟