Topics
جعل القرآن الكريم التفكير والتحقيق واجبا لكل
مسلم، فلا بد لكل مسلم واع أن يتعرف على الأنظمة المتحكمة في الكون وهو التفكير في
آيات الله تعالى، وإن مشاهدة الحقائق العلمية في أعقاب هذا التفكير والتدبر تقود
المتفكر إلى الإيمان بالله العلي العظيم، ولقد وردت الأحاديث بأن:
1)
تأخذ الحكمة حيث وجدتها أو
كما قال.
2)
الكلمة ، الحكمة ضالة المؤمن فحيث وجدها فهو أحق بها.
3)
التفكر ساعة خير من عبادة
ستين سنة.
4)
طلب العلم أفضل من
العبادة.
5)
العلم حياة الإسلام وعماد
الدين.
6)
طلب العلم فريضة على كل
مسلم ومسلمة فاطلبوا العلم ولو كان بالصين.
فمن أراد غمس اليد في منافع الدنيا فعليه أن
يطلب العلم. ومن أراد أن يفوز بمتاع الآخرة فعليه - هو الآخر - أن يطلب العلم.
والإرشادات الحكيمة النبوية كان لها أكبر وقع
على الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين فقد عكفوا على طلب العلم بكل شوق وطموح
وأخذوه من كافة مظانه، والفضيلة العلمية مكنتهم من زعامة الكوكب الأرضي في العلوم
والفنون، والمسلمون لم يرسوا أساس علومهم على الخرافات والخزعبلات والمجازفات
والافتراضات الخاطئة بل قدموا تحقيقا صافيا في كل حقل من الحقول على أساس التجربة
والمشاهدة الصادقة، ويأتي على رأسهم جابر الفارابي وزكريا الرازي وابن سينا
والخوارزمي وعمر الخيام ونصير الدين الطوسي وأبو الحسن وابن محمد القزويني والإمام
الرازي وأبو القاسم البيروني وابن خلدون والإمام الغزالي، فأضافوا فصولا جديدة
رائعة إلى أسفار العلوم والفنون بعد بذل المجهودات الجبارة، وبلاد أوروبا إذ ذاك
كانت منغمسة في بحار الخرافات، والفضل يرجع إلى المسلمين في إيجاد دليل القبلة
والبارود والورق، والعلماء المسلمون هم الذين نجحوا بمحاولة الطيران الجوي، وهم
الذين نجحوا في اتخاذ المرايات من الحجارة وابتكروا التلسكوب والإسطرلاب والحروف
البارزة لقراءة المكفوفين، والفضل في علم الجبر أيضا يرجع إلى العرب فقد أضافوا
كثيرا من العلوم اليونانية المرتبطة بهندسة الأرض وحساب المثلثات وقاموا برسم
أشكال النجوم وحصر أعدادها، وبمسح الأرض استنتجوا كم يبلغ محيطها، وأوجدوا ألوانا
من الساعات الشمسية والمائية وابتكروا رقاص الساعة لقياس الوقت بالإضافة إلى فن
الطباعة وهم المسئولون عن إحداث ثورة فروع الطب.
إن إرشادات الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم
الحكيمة بشأن أهمية العلم قد وقعت على قلوب العرب بحيث كانوا يزعمون أن العلم
والحكمة تراثا لهم وكانوا يشدون رحالهم حيث يوجد العلم والحكمة، وآلاف مؤلفة من
الأخصائيين المسلمين قاموا بإغناء المواد العلمية بالإضافات الجديدة النافعة، ومن
عكف على مؤلفاتهم من المثقفين في هذا العصر الحديث لاحظ سمة بارزة وهي أن مواد تلك
المؤلفات لا تتناقض مع العقيدة الإسلامية أي تناقض، فلا ترى فيها الإسلام يتنافى
مع العلوم أو يتعارض معها، وإن هذا النور الباهر لما أضاء في كل اتجاه حفز
المسلمين في البلدان النائية على إقامة الجامعات نحو باريس و اوكسفورد وغيرها.
إن المفكر اليوم المحايد إذا أرخى زمام تفكيره
في خلق الكون وأسراره وربط خيوط تفكيره بما ورد في القرآن الكريم من الآي الباهرات
أدرك بكل وضوح أن "العلم" ميزة للإنسان بحكم الولادة، وإذا قام المفكر
بإعطاء العلم مكانته الخاصة عرف أن العلم في الواقع أداة واقعية توصل إلى حقائق
الخلق والتسخير والموت والحياة وإلى كل الأسرار الكامنة وراء ذلك، ولقد ورد في
القرآن أن الله تعالى جعل آدم عليه السلام خليفة له في الأرض وعلمه الأسماء كلها
فالخلافة تعني استخدام سلطات الله تعالى الخاصة في التسخير، وهذا الاستخدام لا
يجري إلا إذا كان هناك معرفة بقواعد استخدام السلطات، وإنما المراد بها التوقيف
على علم تسخير الكون حتى يحكم بفضل هذا العلم تصرفه ونفوذه في هذا الكون، ومن
الناحية العلمية فإن معرفة العلم هي معرفة الطبيعة والكون، والعلم لا يهدف إلا إلى
معرفة أفراد الكون والأجزاء التي عملت على خلق الأفراد ومقادير تلك الأجزاء التي تتحرك في نظام متناسق، وهذه
الحركة تبقى الشيء حيا، ومن الناحية العلمية فإن وظيفة العلم هي تسخير كافة قوات
الكون والانتفاع بكافة خزائن الأرض والسماء، ولقد قال الله تعالى في القرآن
((وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ))(آية 25
سورة الحديد)
وإذا تدبرنا علميا في خصائص الحديد النافعة
للناس أدركنا في غير إبهام أن الحديد ضلعا في ابتكارات اليوم العلمية بشكل أو بآخر،
فالحديد لا تخفى أهميته في السكك الحديدية والطائرات والأجهزة اللاسلكية بل في كل
اختراع علمي، وهكذا قول الله تعالى بأن الحديد فيه منافع للناس، وإذا تدبرنا زوايا
الوعي الإنساني من عهد آدم عليه السلام إلى زماننا وجدنا أن كل عمل يصدر من
الإنسان إنما هو علم، وهذا العمل العلمي هو الكفيل بكافة حاجيات الإنسان فكافة
المهن والحرف الإنسانية وكافة المصانع والمصنوعات اليدوية والمنشآت والماكينات
إنما نتجت عن العمل العلمي وهو التطور والرقي. ولأدركنا من خلال دراسة القرآن
الكريم أن العلم العملي قد وصلنا بالوسائط المختلفة فقد وصلتنا الزراعة بواسطة آدم
عليه السلام، وبناء السفن بواسطة نوح عليه السلام، وصناعات الحديد بواسطة داود
عليه السلام، والطب بواسطة عيسى عليه السلام، والنظام اللاسلكي بواسطة سليمان عليه
السلام.
ولقد شهد العالم عهدا كانت أوروبا فيه غير
مطلعة على العلوم ولفها الجهل والظلمة، وبما أن المسلمين كانوا متبعين لتعاليم
نبيهم صلى الله تعالى عليه وسلم أضحوا أمة رائدة بالقياس إلى الأمم الأخرى ثم أنهم
كلما ابتعدوا عن تعاليم نبيهم صلى الله تعالى عليه وسلم وعن علوم البحث والتطور
انغمسوا في الجهل والظلمة أفرادا وجماعات، ومن الأمم من ألزمت نفسها النهل من
العلم وشق الطريق إلى التطور لذا فازت، ومن قانون الله تعالى أن الله تعالى لا
يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
فالحاجة ملحة إلى أن نتحول من أولاد أشقياء
طغاة إلى خلف صالحين ونؤهل أنفسنا لقبول ما تركه أسلافنا حتى ننقذ أنفسنا من
الهوات السحيقة المظلمة فلقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن ساعة تفكر خير من
عبادة ستين سنة، وإن طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة، واطلبوا العلم ولو
بالصين.