Topics
سواء كنت على مخالفة من انقطاع ثراء الدنيا
ونعمتها بوقوع في مصائد غير مرئية من شح الوسائل،واندلاع الحرب والخصومة، والتعرض
للسوء والهمجية، والفتنة والفساد، والكوارث الطبيعية،والدمار والتهلكة،أو جثم على
صدرك روع انفجار القضايا الاجتماعية والسياسية والشخصية والاجتماعية المتفاعلة مع
كل شعاع شمس، فإذا واجهت إحدى هاتين الحالتين فعليك ألا تضيع وقتك في الإجراءات
البسيطة والمناورات الخاطئة بل عليك أن تتقدم في اتجاه صحيح إلى معرفة أسبابها
الجذرية وإيجاد حلولها باستخدام كافة الكفاءات الروحية، وهذا ما سماه القرآن
بالصراط المستقيم ولا شك أنه سبيل النجاح والتوفيق ((اهدِنَا الصِّرَاطَ
المُستَقِيمَ،صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ
وَلاَ الضَّالِّينَ)) (آية 6- 7 سورة الفاتحة).
وانظر كيف تجيب الله تعالى:((وَمَا أَصَابَكُم
مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ)) (آية 30
سورة الشورى).
((وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا
الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)) (آية 31 سورة النور).
وإذا هوى الإنسان أو الأمة في هوة سحيقة
حفرتها سيئاته، ووقع في الحبال التي نصبتها يداه، ثم أناب إلى ربه عز وجل متحسرا
على ما أسلف من سيئات الأعمال ومعترفا بأخطائه ثم أوثق لربه عز وجل المواثيق من
جديد وأخبت له بكل ضراعة وأذرف من عينيه ما يغسل كافة أنظمته الروحية من الكثافات
المادية، فاز مثل هذا الإنسان أو الجماعة
بمرضاة الله تعالى، والتوبة إلى الله تعالى تعنى التوبة إليه والإقبال عليه وتوجيه
الوجه تجاهه، وكل هذه بمثابة الرجوع إلى الله تعالى حسب النص القرآني. وذلك الرجوع
إنما يأتي مفتوحا لحل كل المشاكل وسدا أمام كافة الهموم والأحزان.
إعرف ربك من صميم مهجتك، واعكف عليه بكل عناية
واهتمام وبتسخير كافة صلاحياتك ومواهبك وآلائك التي أغدقها الله تعالى عليك من
القلب والعقل، والأحاسيس والعواطف والتفكير واضرب من حياتك لغيرك مثلا حيا وصورة
متحركة ورسما ناطقا بالحب والوفاء، والواقع أن مثل هؤلاء الرجال ينضمون إلى صفوف
عباد الله تعالى المخلصين، ويمكن مشاهدة كل ذلك بعيون الروح ومن الأفراد
الروحانيين، وهذه الحلقة الخاصة بعباد الله تعالى المخلصين إذا انضم إليها أحد
إطمئن قلبه وارتاحت روحه وهدأت نفسه، وأمطر الله تعالى عليه وعلى أمثاله سحائب
فضله وشآبيب رضوانه وشحنات كرمه وهالات نوره.
((اقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد))
فمن أسجد رأسه أمام غير الله تعالى أذل نفسه
واستخف بكرامته الإنسانية.
وتعال معي حتى نبحث عن تلك الأسباب التي تؤدي
إلى استيلاء العدو عليك وفرض سيادته، فلقد أوجز النبي صلى الله عليه وسلم تلك
الأسباب في شيئين ألا وهما:
1-
حب الدنيا.
2-
مخافة الموت.
فالمسلم
الغيور الباسل الذي يجيش صدره بحب ربه عز وجل لا يسلم قيادته للظروف مهما تفاقمت ولا
يفتتن بحب الدنيا بل إنه يبتسم لرؤية الموت، وكم هي صحائف التاريخ حافلة بمن أحسوا
كؤوس المنايا وتعلو شفاههم البسمة وكأنهم يذوقون طعم العسل.
ولا تنس
أن من واجباتك أن تضع حدا لهذه الثغرات الاجتماعية ولا ترتم في شبكات عدوك وكأنك
طير ومخافة العدو إنما تتولد من الخيانة والغدر ، والمجاعة وتتولد من التطفيف
والغش، والهرج والمرج إنما يتوالدان من الجور في القضاء، وأية أمة نقضت عهدها سلط
الله تعالى عليها عدوها، فلقد آن الأوان أن نحاسب أنفسنا ونحدد نقاط ضعفنا، ونبتهل
إلى الله تعالى ربنا بما دعا به نبينا صلى الله عليه وسلم مبجلا معظما:اللهم استر
عوراتي وآمن روعاتي.