Topics
إن إرم كان الولد الخامس
لسام بن نوح عليه السلام أما عاد و ثمود فكلاهما كانا حفيدي إرم ، و أولاعاد
اشتهرت بقوم عاد أرسل إليه النبي هود عليه السلام و بعد أن هلك قوم عاد و بقي من
بقي مع هود عليه السلام فإنهم اشتهروا بعاد الثانية ولكن هذا الفرع للأقوام
السامية قد اشتهر باسم قوم ثمود منتسبا إلى جده الأعلى ثمود الذي كان حفيدا لإرم.
كان صالح عليه السلام أحمر
أبيض اللون و متوسط الجيم و طويل القامة هزيل اشعار الرأس و كما امتازت بالسمرة
وارتفعت إلى العلاء.
واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبوأكم
في الأرض تتخذون من سهولها قصورا وتنحتون الجبال بيوتا فاذكروا آلاء اللـه ولا
تعثوا في الأرض مفسدين (سورة الأعراف : 74)
و كانت عاصمة ثمود حجر التي تعرف الآن
بمدائن صالح و كانت ثمود قوما أقوى و أطول
العمر و كان لهم يد طولى في بناء القصور العالية الفخمة خلال نحت الجبال.
" ألم تر كيف فعل ربك بعاد ﴿٦﴾ إرم ذات العماد ﴿٧﴾ التي لم يخلق مثلها في البلاد ﴿٨﴾ وثمود الذين جابوا الصخر بالواد ﴿٩﴾ وفرعون ذي الأوتاد ﴿١٠﴾ الذين طغوا في البلاد ﴿١١﴾ فأكثروا فيها الفساد ﴿١٢﴾ فصب عليهم ربك سوط عذاب ﴿١٣﴾ إن ربك لبالمرصاد ﴿١٤﴾ (سورة الفجر:
6 – 14)
و خرابات قراهم و أبنيتهم
توجد الآن بين سوريا و حجاز و وخبراء الأماكن الأثرية قد اكتشفوا بناء يمكن عليه
إطلاق اسم القصر الملكي كان هذا القصر يحتوي على حجر عديدة و حوض كبير و كان
المبنى كله قد بني من نحت الجبال فقط و اكتشفت
المعلومات عن طريق اللوحات والتحريرات القديمة عن قرية القوم الساميين و كان في كل
من القرية مبنيان أحدهما بيت الحكومة و أخرهما هيكل و حاكم القرية كان يسكن في بيت
الحكومة بينما كان الهيكل مسكن كاهن القرية
و كان كلاهما يشتركان في الحكومة على القرية و كان قوم ثمود قوما مترفين
ميسوري الحال و كانت لهم ثروة وافرة لديهم و كانوا في عيش رغد لأجل كثرة المال و
وحسن الحالة الاقتصادية و كانوا طويل القامة والعمر مثل أسلافهم و هم كانوا
يشتهرون بقوتهم و كثرة ثروتهم فأصبحوا منغمسين في العيش و الترف كما أنهم كانوا
يفخرون على قوة ساعدهم و يعدون كل شيء نيتجة لجهدهم و سعيهم و لذلك كانوا ينكرون
كل شيء لايثبت من الأسباب الظاهرية وكل
ذلك قد أدى إلى إنكار الرسالة و النبوة و انحرفوا عن تعاليم الأنبياء و الرسل و
نحتوا من الجبال آلهة و لم يؤمنوا بالآخرة و لما غرق القوم في ظلمات الكفر و
الإلحاد و الفسق و الفجور بعث الله نبيه و عبد ه المصطفى لهدايتهم.
وإلى ثمود أخاهم صالحا قال يا قوم اعبدوا
اللـه ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم هذه ناقة اللـه لكم آية فذروها
تأكل في أرض اللـه ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم ﴿
سورة الأعراف : 73 )
و في ذلك الزمان كان قد قل
عدد الذين كانوا يتبعون تعاليم النبي هود عليه السلام و هم كانوا قد بنوا معبدا في
جهة من عاصمة الحجر و كان أمام المعبد جبال صغيرة نحتوها لبناء بيوتهم وفي قرية
حجر كان كثير من الحدائق الغناء و أشجار التمور وكانت عيون الماء الصافي تجري في
وادي الجبال و في إحدى جوانب العيون كانت
مراعى خضراء وفي جهة أخري من القرية كان قصر الملك جندع الذي كان بني عن نحت
الجبل.
كان صالح عليه السلام يقضي
أكثر أوقاته خارج بيته في المسجد وكان الناس يؤقرهم و يكرمهم لأجل اشتغاله بعبادته
و طبعه الصالح و ذات يوم جمع سيدنا صالح عليه السلام الناس يوما و قال :
"اعبدوا الله تعالى و
لا إله إلا هو ، وليس من تجعلونه آلهة أربابا لكم ، و إنما الإله الذي خلق الكون و
خلقكم و إياي و استخلفكم قوم عاد في الأرض و جعلكم قادرين على أن تنحتوا من الجبال
بيوتا فعليكم أن تشكروا الله تعالى و اتركوا الآلهة البطلة و اعبدوا الله وحده و
استغفروا الله لذنوبكم و هو يقبل استغاثتكم و يستجيب دعائكم"
لما كذب سيدنا صالح عليه
السلام الآلهة التي كانوا يعبدونها آبائهم علنا و على رؤوس الأشهاد فغضب الناس و
جعلوا يباحثون و يجادلون فبعضهم كذبوا الحق و بعضهم سخروا و سبوا وشتموا صالحا
عليه السلام أما بعض الناس الذين كان شيء من الإيمان موجودا في قلوبهم جعلوا
يتفكرون و سادة القوم أتوا إليه وقالوا:
"كنا نرجو يا صالح أن
يكون عقلك و فراستك و شخصيتك الوقور وسيلة قوية لرفع شأننا ضد القبائل الأخرى و لكنك لم تكن كما نتوقع منك و
إنما قد جعلت تكذب آلهتنا و تأمرنا أن نأخذ طريقا لانؤمن به"
قال سيدنا صالح عليه
السلام لهم:
"كيف يمكن لي أن
أختار الضلال بدلا من الهداية و البصيرة لإرضائكم فحسب. من يحفظنا من عذاب الله
تعالى و غضبه؟ و إنه قد شرفني برحمته و
كرمه فلن يغني عني شيء إذا أعصيه الآن."
وقوم ثمود لم يتركوا طريق
الجحود و التمرد و ازداد الناس بغضا و
عنادا ضد صالح عليه السلام و أقضوا عليه مضجعه لكي يترك الصدق و طريق الهداية و
اليقين و لكنه لم يترك دعوته حتى جعل الناس يقولون:
"ياصالح! و إن لم نكن على الصراط
المسقيم و آلهتنا باطلة فلماذا لدينا اليوم ثروة و حدائق خضراء وكثرة وسائل الترف
و قصور عالية ؟ تفكر في بؤس حالتك و حالة من يتبعونك و قل لنا هل نحن مقبولون أم
أنتم البائسون؟
فقال صالح إجابة لكلامهم الوقح:
"لاتكبروا لأجل وسائل الترف الذي لديكم
فإن هذه الوسائل ماحصلت لأجل قوة أيديكم و سعي ساعدكم و لستم قادرين على أن تبقى
هذه الوسائل دائما و إنما هي من عطايا الرب الكريم الذي خلقكم و خلق كل شيء فإن
شكرتم ليزيدنكم و لئن كفرتم و تكبرتم على نعمه فستكون هذه الوسائل عذابا لكم و
وبالا عليكم."
ولكن لم يرضوا بتسليم أن صالحا هو النبي
الصادق و زعموا أنهم يستحقون بتبليغ رسالة الله تعالى لأنهم كانوا أهل ثروة و مال
و كانوا يسخرون من كانوا يؤمنون بالله تعالى و يخاطبونهم :
"هل
أنتم على يقين كامل أن صالحا مرسل من ربكم؟"
وهم يقولون:
"لاشك أننا نؤمن بما جاء به صالح أنه
من الرب الكريم"
و إنما كان شق عليهم أن يطيع الناس أحدا
غيرهم لأنهم كانوا أهل ثروة و عظمة في المجمتع"
وهم كانوا يحسبونهم خطرا لسلطتهم و كانوا
يقولون لهم ازدراء لهم "
"نحن لانسلم كل شيء يأتي به صالح و
يبين أمامهم"
و سادة القوم اختاروا حيلة نفسية و قاموا
بدعاية ما يلي:
"إن هذا الرجل يفتري الكذب باسم الرب
تعالى وهو بشر مثلكم يأكل كما تأكلون و يشرب كما تشربون فإن أطعتم بشرأ مثلكم
فتكونوا من الخاسرين و إنه يخبركم بأنكم ستبعثون حيا بعد أن تموتوا مع أن هذا
الأمر يخالف العقل تماما لأن الذي يموت مرة كيف يمكن أن يحي مرة أخرى فلا تنخدعوا
بأحاديثه المتخيلة و أساطيره الخرافية"
وكانت دعاية الناس الكاذبين محمودة لدى
العاكفين على المادة ولكن الذين كانت قلوبهم منورة بنور الإيمان لم يتأثروا بهم
بشيء من التأثر.
ولما رأى سادة القوم أن ضعفاء القوم كان
صالح عليه السلام تأثيرا ينال قبولا حسنا
لدى ضعفاء القوم و فقرائهم فسألوه أن يظهر معجزة و آية من آيات الله التي
تثبت نبوتك فقال صالح عليه السلام:
"لاينبغي لكم أن لاتتركوا الكفر
والجحود بعد أن ترو الآية الواضحة"
و سادة القوم و نخبتهم وعدوا بأنهم سوف
يؤمنوا بصالح عليه السلام وما جاء به من رسالة الله تعالى لو أتى بآية من آيات
الله تعالى وكان العاكفون على المادة يريدون أن يطالبوه بإتيان آية مستحيلة الوجود
و إن لم يقدروا على إظهارها و الإتيان بها فيبقى دعوى صالح بلادليل و يعد نبيا
كاذبا فإنهم طالبوه و قالوا يا صالح!
"أظهر
ناقة من الجبل تلد و تعطي لبنا لنا حالا"
دعا صالح الله سبحانه تعالى فانشق الجبل و
خرجت ناقة عظيمة الجثة و ولدت حـَــوَارا مباشرة.
ولما رأى الناس هذه الآية فبعض الناس آمنوا بصالح عليه السلام
و لكن كثير من الناس اعتنقوا بالظلمة و آثروا الكفر على الإيمان فنصح صالح عليه
السلام و ذكرهم النعم التي انعم الله عليهم و أكرمهم أمرهم بأن يحذروا من الفتن و
الفساد و الطغيان و قال لهم :
"إن هناك أشياء ما وراء الإحساس التي
لاترونها خلقها الله تعالى و هو الذي شرفكم بالنعم في حياتكم و لم يخلق الله تعالى
كلا من الحدائق الغناء و الحقول الخضراء و العيون الجارية و الأنهار ذات الأمواج و
كثيرا من الوسائل الدنيوية سدى و إنما خلقها لهدف مستقل كما خلقها لكي تستعملوها و
تشكروا له و إن يوما سوف تحاسبون لهذه النعم و لانتسو أن كل نعمة يحاسبكم الله
عليها و إن تغافلتم عن نعمه و لم تشكروا عليها فإنه قادر على أن يبدل قصوركم
العالية و حدائقكم الغناء و حقولكم الخصراء والعلوم التي تؤدي إلى العيش بخرابات و
أطلال ثم لا تنالون إلا الخسارة و النقصان.
إن أصحاب الطبقة المترفة كانوا منغمسين في
الإمارة و الثروة المادية و أصروا على الإفساد و نقض الأمن.
و ناقة الله تعالى كانت كبيرة الجثة و طويلة
القامة و كانت الحيوانات الأخرى تفر من مرعى كانت ترعى فيه خوفا و إذا تشرب الماء
يجف البئر و كان أهل القرية ليس لهم إلا بئر واحد للماء.
"وسادة القوم ادَّعَوا أن صالحا ساحر
عظيم قد أخرج بسحره ناقة من الجبل و الناقة وولدت بسحره ثم أشرب ناقته جميع ماء
البئر لكي نحرم منه و قام بذلك كله لكي نطيعه."
فقال صالح عليه السلام:
قد جاءتكم بينة من ربكم هذه ناقة اللـه لكم
آية فذروها تأكل في أرض اللـه ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم (سورة الأعراف
73)
و إنه كان رائجا في عهد صالح عليه السلام أن
سادة القوم كانوا يطلقون مواشيهم من الحيوانات إلى الميدان لكي ترعى حيث تشاء فخرا
و لايمكن لأحد أن يمنعها من الرعي والهيم في الميادين لذا اختار الله تعالى نفس
الطريق لإنهاء كبرهم و غرورهم و سلط عليهم الناقة التي كانت تمشي بينهم مع حوارها
، و نبه صالح عليه السلام القوم :
"انظروا أن هذه الآية قد أرسلت إليكم
من الله على طلبكم ، و من حكم الله و إذنه أن تشرب الناقة قدراكبيرا من الماء فقرر
يوما للناقة و حوارها لشرب الماء فلا يقرب البئر أي حيوان حينئذ أما الناس الآخرون
و حيواناتهم ستكون لهم نوبة للشرب في الأيام الستة الباقية"
"وكان عاهد صالح عليه السلام السادة من
قوم ثمود أنهم سوف لايؤذون الناقة وقال السادة أنهم سيأذنون للناقة بالرعي بشرط
أنهم سيعطون لبن الناقة."
رغم أن القوم لم يؤمنوا بالله تعالى ولكن
معجزة الناقة أدهشت عقولهم و حيرتهم قفاموا بوفاء ما عاهدوا من عدم إيذائهم الناقة
فما كان يذهب أحد إلى البئر عندما تذهب الناقة للشرب هناك.
وقد تنبأ صالح عليه السلام أن الناس سوف لا
يوفون العهد لمدة طويلة ويقتل أحد منهم االناقة البتة كما أخبرهم بشكل الرجل الذي
سيقتلها و قال إن ذلك الطفل لم يتولد الآن ولكن سيولد فاتفق السادة على أن يُقتلَ
مثل ذلك الطفل عندما يتولد مباشرة.
"وقد تولد تسعة أطفال في القرية مثل
ذلك و قُتلوا فدهش الناس و جعلوا يعارضون صالحا عليه السلام حتى قال بعض الأفراد
إنه يبيد جميع أطفال القوم و لو استمر الأمر كذلك فينتهى الجيل جميعا بسرعة."
وفقا لقوانين الله تعالى أن الطفل قد تولد و
صار شابا و كلما يراه من كان قتل أولادهم يقولون في نفسه أنه لوكان أولادهم أحياء
لكانوا شبانا أقوياء وبهاء لأسرتهم فجعلهم فكرهم هذا أعداء للنبي صالح عليه السلام
و جعلوا يؤذونه عن كل طريق ممكن.
وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض
ولا يصلحون ﴿٤٨﴾ قالوا تقاسموا باللـه لنبيتنه وأهله ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك
أهله وإنا لصادقون ﴿٤٩﴾ ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون. (سورة النمل 48- 50)
و خطط الناس قتل صالح عليه السلام بالتشاور فيما بينهم و خرجوا من القرية
متظاهرين أنهم يريدون السفر و جلسوا من وراء مضيق الجبل لكي يقتلتوا صالحا عليه
السلام ليلا ولكن سقط حجر كبير من قمة الجبل عليهم و هلكوا ولما مضى بضعة أيام و
علم الناس أنهم ماتوا تحت حجر كبير للجبل فأتوا إلى صالح عليه السلام و قالوا:
كما أنهم كانوا غاضبين من صالح عليه السلام
و قد ازداد غضبهم لما منعوا و حيواناتهم من الشرب في يوم من أيام الأسبوع فشاوروا
فيما بينهم و خططوا قتل الناقة ولما استعد بعض الناس للقيام بخطة القتل و وجدوا
الناقة يوما ترعى في المرعى مع حوارها قتلوها و تعاقبوا حوارها و لكنه فر و صعد
الجبل حتى وصل إلى القمة و صرخ بأعلى صوته و في رواية دخل في حجر خرجت أمه
"الناقة" منه.
و قيدار بن سالف الذي قتل الناقة ، كان يحب
التزوج مع بنت جميلة من ثمود و وقالت
أمها إن يقتل الناقة فإنها ستزوج بنتها
إياه وكذلك كانت إمرأة اسمها صدوق كانت عديم المثال في الحسن و الجمال قالت لمصدع
لو قتل الناقة لتنكحه و للحصول على هدفهما المنشود أن قيدار بن سالف قد عقر
الناقة فسقطت على الأرض ثم خرج مصدع من
الازدحام و أهلكها هو و قيدار معا.
ولما علم ذلك صالح عليه السلام فتأسف جدا و
خاطب القوم العاصين:
"إنكم أخلفتم وعدكم و قد أعماكم الغضب
و الانتقام و عصيتم أمر ربكم علانية و الآن سينزل عليكم عذاب الله تعالى."
فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم وقالوا
يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين (سورة الأعراف 77)
و بعد أن قتل المفسدون الناقة لم يندموا على
فعلهم بل جعلوا يناقشون و يثبتون جواز فعلهم الشنيع الذي قاموا به فدعا صالح عليه
السلام على قومه الذي خالف الوعد و قال:
"إنهم
قد كذبوني فانصرني على القوم الكافرين"
فقال الله تعالى:
"قال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك
وعد غير مكذوب"
"فعقروها فأصبحوا نادمين" (سورة
هود 65)
واصفرت وجوه الناس في اليوم الأول و احمرت
في الثاني و اسودت في الثالث لشدة الخوف و
الدهشة و نزل العذاب على آل ثمود من خلال البرق و الرعد و هلك جميع الناس إلا من
أمنوا بصالح عليه السلام و سموا بثمود الثانية.
وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم
جاثمين ﴿٦٧﴾ كأن لم يغنوا فيها ألا إن ثمود كفروا ربهم ألا بعدا لثمود.
(هود: 67-68)
شبه القرآن الكريم قوم ثمود بأعجاز النخل
الخاوية التي تسقط من الشجر و تذهب أدراج الرياح لأجل مرور الحيوانات بها.
الحاقة ﴿١﴾ ما الحاقة ﴿٢﴾ وما أدراك ما الحاقة ﴿٣﴾ كذبت ثمود وعاد بالقارعة ﴿٤﴾ فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية ﴿٥﴾ وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية ﴿٦﴾ سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى
كأنهم أعجاز نخل خاوية . (سورة الحاقة : 1-7)
و قال تعالى في موضع آخر:
فلما جاء أمرنا نجينا صالحا والذين آمنوا
معه برحمة منا ومن خزي يومئذ إن ربك هو القوي العزيز. (سورة هود : 66)
و لما أشرقت الشمس صباحا مارأت إلا الوبار و
الخراب و صارت القصور العالية الفخمة خرابات لا حيوان فيها ولا إنسان . و كانت
منطقة حجر الرائقة أصبحت أنقاضا و لم تبق الحدائق و الحقول الخضراء لهم.
و بعد أن هلك القوم هاجر صالح عليه السلام
إلى سوريا و لما رأى القرية التي كانت أهلكت و ونظر إلى الجثث الميتة فخاطب قومه
الذين هلكوا:
وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت
لكم ولكن لا تحبون الناصحين. (سورة الأعراف 79)
و بعد القيام قرب رمله
في فلسطين هاجر إلى مكة المكرمة و انتقل هناك إلى جوار رحمة الله تعالى و دفن في
حرم الكعبة في جهة الغرب.
وكان أفراد آل ثمود الذين هلكوا من عذاب
الله تعالى كانوا يشتملون على خمسة عشر أسرة و أما الذين نجوا من أصحاب صالح عليه
السلام يقال إنهم كانوا حوالى مأة و عشرين نفرا.
و من سنة الله تعالى أن تبقى آثارالذين
عذبوا لكي تكون عبرة للناس ولذا قد أبقى آثار آل ثمود أيضا فإنها موجودة في نواحي
مدينة بين مدينة و تبوك و هي تقع في جهة شمال على بعد بضعة أميال. و العلاء هي واد
خصب حتى الآن مع أن الحجر يتجاورها الوبار و النحس و الجبال كالقطن المقطون و هذه
المنطقة تمتد على مساحة أربعة مأة أميال طولا و مأة ميل عرضا أرجفتها زلزلة عظيمة.
و أفاد بحث المققين أن ثمود كانوا قد هلكوا
بسبب انفجار البركان و أثار شعلها موجودة في غرب مدائن صالح.
و لما مر الصحابة رضي الله عنهم بمناسبة
غزوة تبوك بوادي حجر و أخذوا الماء من بئر ثمود و جعلوا يصنعون الخبز من الدقيق
فلما علم الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك أمرهم:
"ألقوا الماء ، و قلبوا الآنية ، و
ضيعوا الدقيق" وقال:
"هذه قرية نرل العذاب عليها فلاتقوموا
هنا و لا تستفيدوا بأشياء هذ المكان و
تقدموا و قوموا هناك لأن لا ينبغي نزل مثل العذاب عليكم.
وقال أيضا:
"ادخلوا قرى الحجر خائفين مبتهلين إلى
الله تعالى و إلا فلا تدخلوها لأن لا ينزل العذاب عليكم و أنتم غافلين."
و يروى أنه صلى الله عليه وسلم قال لما دخل
قرى الحجر :
"لا تطلبوا آية من آيات الله تعالى كما
طلب قوم صالح عليه السلام ، فخرجت الناقة من رحم الجبل و كان من شؤونها أن تأكل و
تشرب في نوبتها و ترجع إلى الجبل الذي خرجت منه و كانت تسقي قوم ثمود من لبنها و
لكنهم بغوا و عقروها و أهلكوها فسلط الله عليهم عذاب الصرخ فمات الجميع و هم في
بيوتهم و بقي واحد منهم كان اسمه أبارغال لأنه كان في الحرم و لما خرج منه
هلك."
كما هو معلوم أن نظرية بغ بانغ (الانفجار
الكبير) مشهورة فيما بين علماء الطبيعية و هي أنه حدث انفجار عظيم في اليوم الأول
و تكَّونَ العالم و قبل ذلك كان الكون كرة للنور و لما حدث الانفجار أو الانفلاق
انقسم النور إلى قطع متعددة من الشمس و القمر و النجوم من الأجرام السماوية الأخرى
و لأجل تموج واهتزاز الانفجار جرى نظام الدوران و من الدوران حدثت الطاقة
الكهربائية و من الطاقة حدثت الحرارة و لما تبردت الحرارة حدث السحاب و لما اختلط
السحاب بالرطوبة أمطر و من اختلاط الحرارة و الرطوبة حدثت الحياة.
و ذهب العلماء إلى أن أمواح صوت الانفجار
العظيم تجري في الكون حتى الآن كما ثبت ذلك من خلال اولتراساؤند أن أصواتا تجري في
الفضاء لا يمكن للسماع الإنساني أن يدركها
مع أنها قوية جدا في نفسها.
و لو نلقي أبصارنا على ما يجاورنا من مختلف
الخلائق لنجد أن الله قد وفر لنا من كثير من الشواهد التي تزيدنا إيمانا ويقينا. و
ناخذ البحر على سبيل المثال فإن أمواج البحر تسافر من جانب إلى آخر و إذا يتصل
الهواء بهذه الأمواج فينشأ التهيج في الأمواج و الأصوات تكون أكثر و أعلى على شاطئ
البحر كما أنها تكون أخف في وسط البحر و لكن الأمر ليس كذلك فإننا لاندرك الصوت
الذي ينشأ في وسط البحر لذا نقول إن البحر ليس له صوت في وسطه ولكن إذا يأتي هذا
الصوت إلى ساحل البحر فتشعره آذاننا و نسمعه فإنه يمكن أن النظرية التي يعبر عنها
العلماء بالانفجار الكبير أن تكون صوتا للاشعورهم و يخبرهم لاشعورهم بكن.
صوت "كن" صوت مخفي، ولما دخل هذا
الصوت في نقطة الكون فسرى في كل ذرة للكون ، و إن الصوت يقوم بشؤونه في كل منطقة
في قدر خاص و مرة خاصة. و نظام الكون كله يجري على نظام الاتصال و "كن"
هو الذي يعمل عمل الترسيل و هذه الاتصالات تتكون حواسا إذا تدخل في الشعور كما أن
الاطلاعات هي مجموعة للأمواج الهوائية وإن الصوت سواء كان غنائيا أو شديدا إنما
ينقش على الأمواج و إن الاطلاعات تاتي إلى شعور فردي من اللاشعور أو الغيب.
إن الصرخ أو الصور هو نوع من الصوت الذي
لديه أكثر قوة من شعور الفرد فإن شدة الصوت تصير صرخا و إن الصرخ هو مجموعة أمواج
الأصوات التي تنهي الأمواج التي تعمل في الحياة و يفنى الشعور و يصبح الإنسان حشوا
و الحياة تتغير إلى الموت و الصرخ هو موج من أمواج الصوت الذي يكسر نظام السماع و
انكسار النظام هو انكسار الحواس و ذلك معلوم بأن صوت الانفجار يؤدي إلى انكسار
ستارة الأذن.
و قد أوجدت
قنابل ذرية يموت لأجل انفجارها آلاف من الناس و تتغير الجبال دخانا و من
خلال الانفجار تثقب الجبال العظمى فإن الصوت ولو كانت وسيلة للفرح و السرور ربما
يكون سببا للمصيبة أيضا. و في الفضاء شبكة يجري الموج في جوانب أربع و هذه الأمواج
توصل أصواتنا إلى الآخرين و من أجل أي نوع من الحركة توجد في الهواء كيفية
الارتعاش و من خلال الارتعاش توجد الأصوات ، فكل شيء للعالم من الأنسان و الحيوان
و الطيور و الوحوش و المصنوعات الإنسانية مأخذه هو الصوت فحسب.
و إن تنشأ حركة في أي مكان فيتحرك كيان
الهواء فيوجد الصوت كما أننا نحرك أصابعنا فيخرج كيان الصوت من بين أصابعنا و يبعث
الارتعاش في الهواء و ترسل كيفية الارتعاش هدايات إلى الآذان و يقبل الدماغ ذلك
الصوت و لكن الآذان لا تستطيع سمع مثل هذه الأصوات و آذان انسان عام يمكن أن تسمع
صوتا مخصوصا مكررا فحسب ولكن لا تستطيع أن تسمع الأصوات الساكتة التي يقولها العلماء
بأنها أمواج فوق الصوتية.
"الموج" هو الذي يسافر البعد
المخصوص متحركا في جهتي الفوق و التحت و هذا الطول يقال انه موج ، و هناك حركتان
حركة في الأعلى يقال له الصعود و حركة أخرى في الاسفل يقال له الهبوط.
و إن الموج يقطع دورة واحدة عندما تجمتمع
الحركتان حركة الأعلى و حركة الاسفل، و دورات الموج يقال لها تكرار الموج و ذلك
يكثر عندما يقل الطول و يقل عندما يكثر الطول.
و إذا يرمى الحجر في البركة فتنشأ الأمواج
على سطح الماء وهي تتحرك من مقام سقوط
الحجر إلى أطراف البركة و لو كان الورق على سطح الماء و ينظر في حركته فيعلم أن
الورق يتحرك مع أنه يقوم على مكانه و حركة الورق من الاعلى الى الأسفل على الماء
يقال إنه طول الموج و خلاصة الكلام في هذا المقام أن البعد بين طول الموج و أسفله
يقال طول الموج و عدد مرات الحركة العليا و السفلى يقال لها تكرار الموج ، و
البومة الصماء دائما تخرج أصواتا طائرة في الفضاء لا يمكن لأنسان أن يسمعها و إذا
ترجع هذه الأصوات إلى البومة هي تعرف ما ذا يحدث و ما يجري حوله . و عن طريق صوتها و قوة سماعه تعرف جميع
الاشياء من الناس و الأشجار و الحيوانات و بما أن تكرار صوتها أكثر من تكرار صوت
الإنسان لانقدر على سماع مثل هذه الأصوات و العلماء يقول عنها إنها أصوات
الكتراسانك.
اكتشف هذه الأصوات عالم طبيعي السيد فرايس
غالتن من انجتلرا في 1884 و أوجد صفارۃ يقال لها هائدروجن وسل‘‘ کانت تخرج منها اصوات تکون دائرتها مأة
ألف في ثانية. و قد فاز العلماء فی ايجاد عشرۃ ملايين دائرۃ فی ثانية بعد القيام بالبحوث خلال أكثر مأة سنة و طول
هذه الأمواج 0.00004 سينتي ميتر تقريبا. الأمواج فوق الصوتية يمكن الحصول عليها في
شكل التموج لكون طولها أصغرو تبقى اشاعتها في الخط المسقيم من غير الأنتشار. و
لأجل صفتها هذه يمكن انعكاسها خلال الوسائل المخصوصة. و يقع ظل الأشياء التي تحول
في طريق تلك الأمواج و حيثما تقع ظلالها تنشأ كيفية التدفئة الشديدة کما يوجد عمل التكسيد
من أجل هذه الأمواج۔ و تموت
حيوانات صغيرة مثل الضفادع و الأسماك أو تکون مفلوجة حينما تتأثر بها. و
قد قام عالم الطبيعة البريطانوي بتجربة جيدة ، إنه نصب التراسميتر الألتراسانكي
على سقف و ألقى الأصوات الالكتراسينة في الزقة المتجاوة و كانت الأصوات لم تكن ذات
التكرار الكثير رغم ذلك أحس الناس الذين كانوا يمشون في الأزقة بتحريك عجيب في
أجسامهم, ولكن لم يستطع أحد أن يبين الكيفية المدركة. و علماء الطبيعة للبحرية
الأمريكية ذهبوا إلى أن أسماك البحر يمكن أن تموت عندما تسمع الموجات قوق الصوتية.
و قد ثبت أن الموجات فوق الصوتية لها أثر عظيم على أعصاب الحيوانات و كان قد اشتهر
في دور هتلر أنه كان قد صنع توبا سحريا ، واذا نصب علی مکان فی ميدان الحرب تخمد
همم الأعدء و
هم يفرون من ميدان الحرب و إذا لم يفروا فيفلجون.
و أخيرا لما اكتشف بعد انتهاء الحرب وجد توب كان يلقى الموجات فوق الصوتية.
و ذهب العلماء إلى أن الأرض قد بنيت كقشور
البصل المنضدة و يقال إن العمران يقع على سطح الأرض المدعؤ ب "كرست
". و ليست ضخامة السطح أكثر من الورق
الذي يلصق على كرة القدم و ضخامة الأرض على سطح الأرض تسع على طول 50 كيلو ميتر
تقريبا وفي البحور على طول 5 كيلو متر تقريبا و هذا الجزء يحيط صخور بسالت في البر
و صخور الغريفائت في البحر و تحت الكرست غلاف ضخمها 2900 كيلو متر 82% من
حجم الأرض يشتمل على مثل ذلك. و تحت
الغلاف يقع جوهر الأرض و لبها و له ثلاثة أجزاء 1. القلب الفوقي ، 2. القلب التحتي
3. القلب الأعلى. و ذلك في قعر الأرض على طول 2200 كيلو ميتر و القلب الوسطي هو في قعر الأرض على طول 1270
كيلو متر و يؤثر على طيات الأرض عاملان الضغط والحرارة . و الحرارة هي فعل يؤثر
على الصخور و يلينها أو يذيبها و معظم أجزاء الأرض قد أصبحت أبيض لأجل شدة الحرارة
و يعطي هذا الجزء حرارة القوة التي توجد في الصخور و تخرج العناصر الإشعاعية . و
يقال إن الحرارة في مركز الأرض 3000 سينتي غريت تقريبا. كما أن درجة الحرارة بين
القشر و الغلاف قرب 375 غريت.
الضغط هو فعل يجعل الصخور صلبة و مهما تذهب
إلى القعر يكثر ضغط الطيات الفوقية و الصخور التي توجد على سطح الأرض تكون ألين من
التي تقع في قعر الأرض. و علماء الأرضيات يقولون إن الطيات الفوقية (التي تشمل على
القشر و الغلاف الفوقية ) هو الغلاف الصخري و حدها قرب 70 كيلو ميتر و بعد ذلك يقع
الغلاف الضعيف حيثما قد ذابت الصخور لأجل القوة الإشعاعية و يسيل المائع الحار من
الصخور کما هذا الطي یحیط على طول 200 كيلو متر.
و بعد أن تنتهي الكرة الضعيفة تبتدأ الكرة
الوسطى حيث أن الحرارة كثيرة و بما أن الضغط أيضا كثير أن الصخور تبقى على حالة
الصلابة و في الكرة الوسطى يوجد قلب الأرض الذي يشتمل على الحديد الخام الذي يمتزج
مع النكل و الكوبالت و هذه العناصر في الحالة المائعة و لكنها في الحالة الكثيفة
مع أن القلب الأوسط في حالة الصلبة.
مع أن علماء الأرضيات قد أخرجوا الصخور من
قعر الأرض و لكن ليس أحد قد أصبح قادرا
على الوصول إلى غلاف الأرض حتى الآن كما أن علماء الأرضيات يخمنون الأجزاء
الداخلية في الأرض من الأمواج التي تنشأ من الضغط
أو الهز أو الزلزلة و تنشأ هذه الموجات من أجل سقوط الصخور و انكسارها و في
بعض الأوقات تنشأ تغيرات تحت قشر الأرض في الطيات تجتمع الطاقة في داخل الأرض و
هذه الطاقة أو الضغط عندما لا تتحملها الصخور تخرج إلى طي ضعيف للأرض مع انفجار
عظيم و صرخ للغاية .
كما علم أن الزلازل تحدث عندما تخرج المواد
المنصهرة في داخل الأرض فجأة إلى الخارج و
تتكون شكلا مخروطيا لدى المركز فيقال لها الجبال البركانية. و المادة الحارة
المائعة في داخل الأرض تأتي إلى سطح الأرض الأعلى و لو يصل الماء إلى هذه المادة
فيصبح الماء بخارا (و كثيرا ما تحدث الزالزل في بحيرة روم و الدول المجاورة و في
البحر الكاهل و المناطق الساحلية و في جزائر يابان) و كثيرا ما يرتفع من الجبال
البركانية هو البخار لا غير. و الحقيقة أن
البخار هو طاقة أساسية تدفع المواد و الغازات الأخرى إلى الخارج و تعم فيها
الكلورين و الكبريت الخام و الحديد المائع و في الغازات الأخرى يعم الغاز كاربن دائي
آكسائد.
و من خلال هذه الحادثة أن الله سبحانه تعالى
قد أخبر بأن تمرد قوم و كفرانه بنعم الله تعالى يغضبه كما أن ثمودا كانوا أكرموا بنعم الله الكبرى من
الأشجار المملوءة من الثمار و القصور المرصعة من الجواهر و اللآلي و العقول و
الشعور العبقرية و لكن لما أتى الرسول إليهم فاحتجبت عقولهم و لم يطعيعوا الرسل مع
أنهم شاهدوا المعجزات التي طالبوها ثم أنكروها بعد ظهورها و أفسدوا في الأرض و
سعوا أن يقتلوا النبي صالح عليه السلام و كذبوه و قالوا مع الوقاحة :
"أين العذاب الذي كنت تذكره لنا ، فأت
بالذي كنت تنذرنا عنه" أعاذنا الله
تعالى من مثل هذه الحوادث و القرى التي
أنزل الله عليها العذاب.
العلم الروحي هو علم وراء الحدود الحسية كما
أن الإنسان يتعلم العلوم من خلال التجربة و بناء على التجارب تتكون الفلسفة
الجديدة و أن الإنسان الروحي إذا يعبر الحدود الشعورية و يدخل الحدود اللاشعورية
فيتعلم العلوم و يحصل على اليقين حسب مشاهداته و كل إنسان لديه قوتان قوة البصارة
و قوة الإدراك. فالقوة الأولى يمكن أن تنظر إلى الاشياء المادية فقط.
و هناك صلاحية أخرى يقال لها قوة الإدراك
الروحي و عن طريق هذه القوة أن الإنسان أو حواسه ترى الأشياء من غير العيون
والبصارة و لاتتدخل الحواس المادية في فهم معاني الأشياء . و كل إنسان لديه وجودان أو جسمان. أن الجسم
المادي و الروحي فالمادي يقول إنه يشرب الماء مثلا إذا يشعر بالعطش و لكن لايعرف
ما هو العطش و إنه يعلم أن العطش هو الإخبار و الإطلاع ولكن من أين أتى معنى الإطلاع
و الإخبار فلا يعرفه الجسم الروحي و لكن لما قضى الموت على حياة أحد فلماذا لا
يشعر المرء بالعطش؟ و أجاب بعض الناس أنه قد مات لذا لا يشعر به و لكن لا يعرف ما
هي الحياة ؟ و كل ما إعطي من الحياة هي من الله تعالى و ليس من كسب الإنسان. و
الله قادر على سلبه في اي وقت يشاء.
الجسم الثاني ليس مقيدا بل هو حر و يفهم و يدرك
. كما أ ن الجسم المادي يرى الأرض مثلا أن الجسم الروحي أيضا يرى الأرض و لكن من
دون استخدام نظام المادة الذي يحتاج إليه الجسم المادي.
و الجسم الثانى إذا يرى الأرض يجدها كالبابايا
و لا يجدها كالكرة و الجسم الباطني يرى
أنه يوجد ذخيرة للغاز و لكن ليس العمران الصلب على الأرض و الأرض هي كالشاشة يظهر
عليها كل ما يجري في داخل الأرض و كل رجل ، وكل شيء هو عكس الأصل ، كما أن
بروجيكتر إذا يغيب عن الأنظار يغيب كل شيء من الأفلام فكذلك أن أصل الإنسان الذي
هو الروح إذا يغيب يغيب الأنسان الأرضي الذي هو عكس الأنسان الأصلى.
إن اللاشعور يرى أن على الأرض جبالا كالكرة
و دائرة الجبال قد أحاطت الأرض من جميع جوانبها كما أن الأرض في الجريان الدائم في
محورها و تقوم الجبال بالتحكم على هذا الجريان و الجبال مركزة في الأرض كالأوتاد.
قال الله تعالى في القرآن:
أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت ﴿١٧﴾ وإلى السماء كيف رفعت ﴿١٨﴾ وإلى الجبال كيف نصبت ﴿١٩﴾ وإلى الأرض كيف سطحت (سورة الغاشية : (18 – 20)
و كما نرى أن آكسيجن و
الكاربن يصبحان حياة و الحياة تفنى و تنتشر و ربما تتكون و تأتي إلى حيز
الوجود. وفي عملية ذلك يعمل ستة حواس .
وبين الشعور الستة نجد شعورا واحدا أضعف من الجميع كما أن الأخرى أقوى من الأخرى.
و هذه حقيقة لا تنكر أن كل شيء لديه حياة و إن كان صغيرا للغاية. و إذا ينتهي
الشعور تنتهي الحياة و إن الحياة تتركب من المقادير و نظام المقادير هو نظام قوي
فعال كما أنه يرتبط مع قدرة الله البالغة و إذا يغضب الله تعالى فيفنى النظام. و
ذلك يقع مرة من خلال الطوفان و مرة خلال السيل الجارف و خلال الصرخ و غيرذلك.
و لما نطق الله تعالى بلفظ
مركب من حرفين هو الكاف و النون أي كن و سمعه جميع الكون الموجود في العدم فأطاعه
الجميع فظهر الكون كله على منصة الوجود.
و كان كل خلق من الكون
موجودا في ذهن الخالق و لما سمع الخلق صوت كن تحرك الخلق يعنى أنه أصبح قويا و
نشأت الحياة فيه. ولله أسماء عديدة و كل اسم له صفة . كما أن له اسم عليم و كان
الله تعالى عالما بجميع صيغ التلخيق قبل خلق الكون كله و لما أراد الله تعالى أن
يعلم الخلق وجوده فما إن نطق الله تعالى بلفظ "كن" إذ خرج الكون من حجاب العدم و ظهر على منصة
الوجود. و مرحلة تخليق الكون هو النور كما قال الله تعالى " الله نور السموات والأرض" ولما أتت الأرواح إلى حيز الوجود من نور الله
تعالى في مرحلتها الأولى و ماكانت لها إحساس و شعور لوجودها فخاطبها الله تعالى و
أسمعها صوته بقوله "ألست بربكم؟" فأجابت الأرواح بقولها
"بلى". فنتيجة أن الأرواح قد أتت إلى حيز الوجود من خلال صوت الله الأول
و من صوته الأخر انتقلت إليها ثلاث حواس ممتازة.
و هذه الحواس الثلاث هي
السماع و البصارة و العقل. فإذا يتوجه الإذن يسمع المرء و إذا تتوجه قوة البصارة
ينظر المرء و إذا يتوجه الدماغ إلى لفظ
يسمعه فيفهم معناه و يجيب. ولما سمعت الأرواح كلام الله تعالى في الأزل فأصبح الله
تعالى مركز توجه الأرواح و نصب عيينها و توجهت الأرواح إلى صوت سمعته فتحركت قوة
البصارة فأدركت وجود الله سبحانه تعالى و
لما أقرت الارواح ألوهية الله تعالى فنشأت فيها قوة الكلام.
رأت امرأة في المنام أن
طفلا في رحم الأم و هو في مرحلة بدائية للخلق و نصبت على أذنيه آلة سماعة و جزء
داخل السماعة داخل في أُذن الطفل و كانت البرقية ترتبط بجدار الرحم فتعجبت المرأة
بأن هذا الطفل الصغير كيف يمكن له أن يسمع و من أجل أن تعلم أنه ماذا سيحدث قد
سحبت السماعة إليها فعلمت أنها كانت مرتبطة بأذن الطفل ارتباطا قويا ، ولكن لما
ربطت السماعة بأذنها فسمعت صوتا ينطق في لهجة لطيفة :
"أنا
ربك و سأرسلك إلى الدنيا و سوف تمكث هناك
إلى وقت معلوم"
وكان الطفل يسمعها الصوت
بتوجه عميق للغاية ولكن كان لا يقدر أن
يجيبه مع أنه كان يفهم معنى الصوت و لما سحبت السماعة من أذنيه فتضايق ذلك على
الطفل و بدأ يتحرك في رحم أمه و كان المكان الذي يمكث فيه الطفل مكانا مظلما للغاية
كما كان هناك مكان آخر بجنب المكان الأول
مظلما صغيرا أيضا. و بما أن الطفل كان متضايقا عندما سلب السماعة فرحمت المرأة
عليها و أعادها إلى أذنيه فأفاق الطفل و عادت السكينة و الطمأنية إليه.
ثم رأت المرأة هريرة في
رحم أمها و وجدت أن هناك ايضا آلة سماعة على أذنيها كمثل طفل الإنسان و لما سحبت
المرأة السماعة من أذنيها فسمعت الهدايات التي تتعلق بطفل الهرة و اضطربت الهرة و فعلت ما فعل طفل الإنسان في
رحم أمه.
و حقيقة عالم الأبد هو
عالم الخلق و هناك ليست صورة واحدة بغير الهيكلة و كل شيء له شكل انفرادي و شعور
الانفراد مرتبط بالجسم المادي. و كما أن الصحراء هو مجموعة من الذرات التي لا تعد
و لا تحصى فكذلك الأنسان مركب من الخلايا التي لاتحصى. و أي صلاحية و مؤهلة توجد
في أي إنسان كانت موجودة في آدم عليه السلام و كل شيء يأخذ المؤهلات و الخواص من
أصله و الشعور الفردي هو يرتبط مع الشعور النوعي أو الجماعي و الشعور النوعي هو
شعور الروح الذي يحفظ في حيزه حياة كل نوع.
و حركة الكون هي صوت الله
تعالى . و الكون كالكرة الجغرافية. و صوت الله تعالى يرن فيها ، و أحكام الحياة
كلها محفوظة في لفظ "كن". و سلسلة الإزادة في الجيل الإنساني هو الامتثال
بأمر الله تعالى "كن". و لفظ كن هو صوت محفوظ يأتي في كل حين و آن و
يتكرر نزوله إلى الأرض مرارا و تكرارا. و يكون الوهم في المرحلة الأولى و الخيال
في المرحلة الأولى والتصور في المرحلة الثانية و التكرار في المرحلة الرابعة
منتقلا إلى شكل ظاهري والرنين أنه مجموعة المقادير. و يترتب الاعتدال المتوازن في
المقادير و إذا يفنى الإعتدال تتزايد المقادير و إذا تقل المقادير ينشأ
الكسل. و تكرار الرنين يشمل على الصرصر و
الطوفان الشديد. كما تبيد كثرة الزلزلة الشبكة الأعلى من التكرار. و الهواء
المتوازن في الجري علامة للاعتدال في التكرار.
و إذا تقع حادثة في أي
مكان في العالم إنها تقع لأجل عدم الاعتدال في التكرار و مقاديره و الكون كله يجري
تحت نظام قوي و كل فرد من الكون له مسؤولية كما أن شمسا لها مسؤولية و هواء له
مسؤولية أخرى و بحارا و أنهارا لهما مسؤولية خاصة لكي يجري هذا النظام بطريق أحسن.
قال الله تعالى في القرآن
الكريم:
وآية لهم الأرض
الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون ﴿٣٣﴾ وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب وفجرنا فيها من العيون ﴿٣٤﴾ ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم أفلا يشكرون ﴿٣٥﴾ سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم
ومما لا يعلمون ﴿٣٦﴾ وآية
لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون ﴿٣٧﴾ والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم ﴿٣٨﴾ والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم ﴿٣٩﴾ لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار
وكل في فلك يسبحون ﴿٤٠﴾ وآية لهم أنا حملنا ذريتهم
في الفلك المشحون ﴿٤١﴾ وخلقنا لهم من مثله ما يركبون ﴿٤٢﴾ وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم ولا هم ينقذون ﴿٤٣﴾ إلا رحمة منا ومتاعا إلى حين ﴿٤٤﴾ (سورة يس : 33 – 44)
و إذا يكثر الظلم و
الحسد و الحرص والانحراف عن أوامر الله تعالى على سطح الأرض فلا يقوم الاعتدال في
النظام و إذا يفنى الاعتدال يفنى النظام و للقضاء على النظام الكوني تهب العاصفة و
يحدث الطوفان و تمطر السماء النار على مكان الثلج و تمطر الثلج على مكان النار.
و نظام القدرة
الإلهية الذي سائر في ازدهار و انحطاط
القوم أنه إذا يقوم بالامتثال بأوامر الله تعالى و يحبون أوطانهم و أراضيهم ينصرهم
الله عن طريق نظامه المحكم و لكن إذا
ينحرف قوم عن أومر الله تعالى و يتدخلون في نظام الكون فتبعدهم القدرة الالهية من
نظامها و سلطانها.
و إذا يأتي أمر الله
تعالى حول هلاك القوم الذي طغى فيهلك القوم بأنفسهم ولكن الأرض و نظامها يبقى
سالما فإن الشواهد التأريخية تشهد على أن النوع البشري و ما تتعلق من الأشياء على
وجه الأرض إذا تعصى أوامر الله تعالى تفنى خلال كل عشرة آلاف سنة و يستهل الجيل
البشري حياة جديدة على الأرض و تبتدأ الحياة الإنساني من جديد من درر الحجر ثم
تترقي و تزدهر.
1.
الإشراك بالله (عبادة المال أيضا عبارة عن الشرك)
2.
التدخل في الأمور الإلهية التي تخص بالله سبحانه تعالى.
وفي العصر الراهن أن
الرقي قد أصبح عبارة عن الازدهار في المال و الازدياد في الثروة و ليس ذلك إلا
عبادة المال فإن أن القيم الإنسانية تُدَسُّ تحت الأقدام والحياة الدنيوية و العيش
العارضي و الراحة الفانية قد أصبحت هدف الحياة الإنسانية.
و الاستنساخ و مثله
من الأمور التي تأتي ضمن التدخل في نظام الكون و إبادته و إقلاعه من جزوره و و ما
يشمل ذلك هو السياسة و حب المال و عبادة الثروة كما أن الإرهاب و التسلط على الناس
يرادف الانكار عن المساواة و هلاك العالم . و إن التأريخ يشهد أن الانسان رجح
المال و الجواهر و الكنوز على التوحيد الرباني و عبد الأصنام المصنوع بأيديه و
أهلك الناس مع أنه كان علم يقين أن من أتى إلى حيز الوجود سيموت يوما وليس شيء
يصحب الأنسان في قبره و لا يصل إلى أخرته
و مع الوقوف على ذلك أن الإنسان مشغول بجمع المال و غافل عن الأخرة.
Ø
الاختلاف مع الأنبياء و الانحراف عن تعاليمهم انحراف عن القدرة
الإلهية. وإن الإنسان إذا تنقطع علاقته مع الآخرة و يتعلق بالدنيا فحسب فيؤكله
الله تعالى إلى نفسه.
Ø
قد عمت الأنانية و الحب للذات و جعل الواعظون آيات الله تعالى
تجارة لهم.
Ø
كل رجل قد أصبح ناصحا و لا يتفكر عن نفسه و لايبالي بشوونه.
Ø
وقد أصبح المجتمع مسموما و فاسدا لأجل الغش والشوائب في
الأشياء المأكولة.
و كل إنسان حي قد أصبح
مريضا ابتلاء بالنسيج الكاذب للرقي و الازدهار.
خواجۃ شمس الدين عظيمي
لقد صدق من قال من كبار الناس إن كل إنسان لابد أن يكون له هدف
لحياته و إلا لايعد من الإنسان مع كونه من ذرية آدم. و مما يجدر بالذكر أن الله
عرف آدم بآدم نفسه و دعاه بكلمة آدم إلى
أن شرفه بعلوم صفاته و أسرار الكون فقال للملائكة بأن يخضعوا لحكمه. وإذا يذكر
الله تعالى التخليق في القراآن يأتي بأنواع من الأمثلة لتوضيح نظام التخليق كما
أنه يقول عن خلق الإنسان:
"ولقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم" (سورة التين )