Topics
كما علم أن ستة أبناء تولدوا من بطن زوجة
إبراهيم عليه السلام الثلاثة قطورة وكان اسم أحدهم مريان و ينتمي شعيب عليه السلام
إلى قبيلة مريان. و بعد أن تزوج مريان/مدين من ابنة لوط عليه السلام غادر إلى أرض
الحجاز مع أسرته و استوطنها. و اشتهرت سائر القبائل من أولاده باسمه و عندما بعث
شعيب عليه السلام نبيا كانت سكنت على جانب شرقي لبحيرة القلزم و في مناطق حدود
الحجاز التي تتصل بحدود سيريا في غرب الشمال من جزيرة العرب.
يقال إن عهد شعيب عليه السلام هو عهد 1600
/1700 سنة قبل ميلاد عيسى عليه السلام. و ذكر اسمه في التوراة بحوياب أو يترو. و
كان شعيب خطيبا فصيحا و بليغا و عديم المثال في عهده و زمانه في فن الخطابة و
أسلوبها و حلاوة ألفاظها و حسن أدائها و اشتهر بخطيب الأنبياء .
بما أن موسم الحجاز رائعا كانت الأشجار
خضراء و مملوئة بالأزهار و الأثمار. و ذكر القرآن قوم شعيب بأصحاب الأيكة و الأيكة
تسمى بأشجار خضراء تملاء بالأزهار و الأثمار ولأجل وسائل الدخل هذه كان أصحاب
الأيكة أثرياء و كانوا في أهنأ حال و أنعم
بال. وكانت مهنتهم التجارة. و ماداموا قائمين على دين إبراهيم عليه السلام لم
يخدعهم لمعان العالم المادي و استمروا في حالة التنعم و الترفة و لكن لما تسرب
فيهم حب المال و العالم المادي و داسوا تعاليم الكتب السماوية تحت أقدامهم و
اتبعوا خطوات الشيطان و جعلوا يؤثرون أنفسهم و أغراضهم الذاتية على الأهداف
الاجتماعية العامة فضلوا و ابتعدوا عن الصراط المستقيم و في تعبير آخر أن إبليس قد
زرع في قلوب بنى آدم بذرة الكبر و النخوة و الغرور و العجب انتقاما لآدم الذي كان سببا لخروجه من الجنة حتى ظنوا
أن العالم المادي هو العالم الأخير ولا يبعثون بعد موتهم لجزاء ما عملوا من الخير
و الشر ففقدوا شعورهم و إحساسهم.
و الأصل أن الإنسان المستأثر إذا يغلب عليه
الحواس المحدودة المتغيرة يخرج منه الحب و الأخوة و يدوس حقوق العباد تحت قدمه و
يتسرب فيه الطغيان و العصيان و العصيان هو الفسق الذي يؤدي إلى فقدان الكرامة من
الإنسان و انتشار المنكرات و الفحشاء في المجتمع الإنساني.
وبالرغم أن الله تعالى أكرم قوم شعيب بنعم
لاتحصى كانوا يظنون أنهم ورثوها من آبائهم
و لما خافوا ضياعها جعلوا يجمعون المال حرصا و شحا فانغمسوا في عبادة المال التي
أدت الناس دائما إلى الشرك و الهلاك و الوبار عبر تأريخ العالم و هم كانوا يعبدون
البعل الذي كانوا ينحتونها من الحجارة و
يرشون العطر عليه و يذبحون الإبل أمامه و يقدمون أضحية أولادهم له و كان ذلك يعبد
في جزيرة العرب كلها في الأيام المقبلة. و لما كانت حالتهم الأخلاقية و الدينية قد
تغيرت و وقعوا في قعر المذلة و الضلالة أرسل الله تعالى إليه نبيا منهم.
وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا
اللـه ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم فأوفوا الكيل والميزان ولا
تبخسوا الناس أشياءهم ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ذلكم خير لكم إن كنتم
مؤمنين (سورة أعراف : 85)
دعا شعيب قومه إلى الرشد والهداية و لقنهم
تعاليم الدين الحنيف الإبراهيمي و نهاهم عن السيئات الأخلاقية و الشرك و الأعمال
السيئة الأخرى كما ذكر ذلك القرآن:
وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا
اللـه ما لكم من إله غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان إني أراكم بخير وإني
أخاف عليكم عذاب يوم محيط ﴿٨٤﴾
ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في
الأرض مفسدين (سورة هود : 84- 85)
و اشتهر القوم بالمخادعات التجارية من
التطفيف في الكيل والمساحة فنصحهم شعيب بأن يجعلوا تجارتهم نقية من الحرام و
يكسبوا الرزق الحلال و كان القوم يستدلون على أمرهم بأنهم لو عملوا بما نصحهم شعيب من التطفيف لحرموا من النفع الكثير و انتهوا
عما يفعلون لكانوا أفقر قوم على وجه الأرض
فلم يتنبهوا لما أنذرهم من العذاب الأليم الذي نزل على القوم الكافرين
المكذبين من قبل و لم يستيقظوا من نوم ضلالاتهم و طغيانهم و عصيانهم.
ويا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما
أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد ﴿٨٩﴾
واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود (سورة هود : 89 – 90)
قد ذكر شعيب عليه السلام قصص و حوادث القوم
الذين كذبوا الرسل و تعاليمهم فهلكوا و انمحت آثارهم و اختفوا من الوجود ولكن لم
يتأثر القوم بذلك و لم يؤمن إلا قليل منهم ومما زاد الطين بلة أن رؤساء قومه جعلوا
يمنعون ضعفائهم و فقرائهم من أن يسمعوا نصائح و أحاديث شعيب و يؤذونهم فخاطبهم
شعيب:
"ولا تقعدوا بكل صراط توعدون وتصدون
عن سبيل اللـه من آمن به وتبغونها عوجا واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم وانظروا
كيف كان عاقبة المفسدين (سورة الأعراف : 86)
و استمر نبي الله شعيب في دعوة الناس إلى الله تعالى و المهمة
التبشيرية.
ويا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل سوف
تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذب وارتقبوا إني معكم رقيب (سورة هود : 93)
غضب على ذلك من كانوا أصحاب السلطة و القوة
في قومه و قالوا:
قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول وإنا
لنراك فينا ضعيفا ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز (سورة هود: 91) قال
يا قوم أرهطي أعز عليكم من اللـه واتخذتموه وراءكم ظهريا إن ربي بما تعملون
محيط (سورة هود: 92)
وقال شعيب لقومه إنما أرسلني الله تعالى
إليكم لكي أرشدكم إلى الصراط المستقيم و أقوم بإصلاحكم ولكني لست عليكم بمسيطر و
إنما قد أتممت عليكم الحجة و قدمت إليكم دلائل و براهين و آيات من الله تعالى
ولكنكم ماتركتم الطغيان والعصيان، و لا أسألكم على مافعلت من الأجر و إنما أجري
على الله تعالى و قد أحاطني فضله و كرمه هو يعطيني رزقا طيبا و كل ما أرشدكم إليه
أعمل به أولا و إن كل أمر لي يتم بنصر الله تعالى وعونه ولكنكم لا تسلمون هذا
الأمر و تستهزؤونني و تنكرون نبوتي و لاتضيعون أي فرصة لمخالفتي و القيام بمايضر
دعوة الله تعالى.
استمر القوم على ماكانوا عليه من العصيان و
الطغيان وجعلوا يظلمونه و يحاولون أن يقبل دينهم من الشرك و الكفر و أرادوا أن
يخرجوه و أسرته من القرية. و رغم ذلك كله ما تنحى شعيب من طريق الحق وقال في ثقة و اعتماد.
قد افترينا على اللـه كذبا إن عدنا في
ملتكم بعد إذ نجانا اللـه منها وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء اللـه ربنا
وسع ربنا كل شيء علما على اللـه توكلنا ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت
خير الفاتحين (سورة هود: 89)
أنذر شعيب قومه بأنهم لو لم يتركوا طغيانهم
و جحودهم من الحق و القيام بسخرية الأوامر الإلهية و تعاليم الرب الكريم التي
يقدمها إليهم ليـأتي عليهم العذاب الأليم و يتم عليهم وعدالله كما تم ذلك على
الأمم السالفة من قبل. ولكن لم تلن قلوبهم للحق و لم يستعدوا لإطاعة الله تعالى و
قبول تعاليمه حتى أدركهم العذاب الشديد.
قال تعالى:
ولما جاء أمرنا نجينا شعيبا والذين آمنوا
معه برحمة منا وأخذت الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين ، كأن لم يغنوا فيها ألا بعدا لمدين كما بعدت
ثمود (سورة هود 94 – 95)
فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب
يوم عظيم (سورة الشعراء : ١٨٩)
فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم
جاثمين الذين كذبوا شعيبا كأن لم يغنوا
فيها الذين كذبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين
فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم فكيف آسى على
قوم كافرين (سورة الأعراف 91 – 93)
هلك القوم الذين كذبوا شعيبا و أمن من
العذاب شعيب و من كانوا أطاعوه كما خرج شعيب مع من آمنوا به من القرية قائلا:
يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم
فكيف آسى على قوم كافرين 0 (سورة أعراف 93) كان شعيب صهر موسى(أبا له في القانون)
و مكث موسى لديه مدة و تزوج بنته صفورة.
تفيد هذه القصة أن عنصر الدين الأساسي هي
النصيحة و أن الله تعالى هو الكريم و و صديقنا الأعظم و جعل لنا القوانين لنجاحنا
في الحياة ثم أرسلها إلينا خلا ل أنبيائه الذين بلغ عددهم 12400 نبيا تقريبا و
جميع قوانينه ليست لمنفعة الله تعالى و إنما لمنفعة الإنسانية فقط. و جميع
الأنبياء والرسل أرشدوا الجيل الإنساني إلى الهدية و اليقين و عبادة الله سبحانه
تعالى.
يشهد التأريخ الإنساني كله أن الله قد هلك
القوم الذين قاموا بعبادة المال و انعمسوا في حبه و تركوا ربهم و ألقوا في قعر
المذلة و الهوان. كما أن السلاطين و الملوك الذين لهم سلطة و قوة و سطوة في دولهم
هلكوا و تخربت قصورهم و أصبحت أية لمن كان له قلب أو ألقى السمع و هو شهيد كما
أننا نرى ملك إيران الذي حكمها لمدة ألفين و نصف سنة مات خذلا ولم يحصل في أرضه
على مكان للدفن.
أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان
عاقبة الذين كانوا من قبلهم كانوا هم أشد منهم قوة وآثارا في الأرض فأخذهم اللـه
بذنوبهم وما كان لهم من اللـه من واق (سورة مؤمن : 21)
و إنه من سنن الله تعالى أنه يعفو عن
السيئات و المعاصي مهما لم يقع خلل في نظامه و لكن إذا يقع الخلل في نظامه و سنته
لأجل معاصي العباد فيتحرك نظامه القاهر و يهلك الأقوام و الملل و يسلب منهم القوة
و السلطة و الدولة و يصبحوا عبادا للآخرين و إنما كل ذلك لأجل خضوعهم للمال و
الثروة والعناصر التي تفنى و لا تبقى للأبد.
وإنه لحب الخير لشديد (سورة العاديات: 8)
و إنما يعتقد الإنسان أن المال هو العنصر
الأساسي الذي يفي بحاجياته و لذا يجمع المال و يتسابق فيما بينه و يبذل جميع
طاقاته التي أعطاها الرب الكريم في حصول المال و المادة.
و يقول الإنسان إن كل شيء كسبه إنما كسبه من
قوة يده و فهمه و عقله و ذلك هو الفكر الأساسي الذي يبذر في الإنسان بذرة الطغيان
و التمرد و إذا يقوى ذلك في الإنسان تنقطع علاقته من ربه الخالق الكريم الذي هو
المعطي الحقيقي و يصيح فردا من أفراد القارون.
و قد حض القرآن الكريم على كسب الحلال و
الإنفاق في سبيل الله تعالى و القيام بالشكر لنعمه و الإعراض عن الدنيا التي تجعل
الإنسان غافلا عن ذكره و التفكر في ذاته و صفاته.
قال الله تعالى في القرآن الكريم:
"لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما
تحبون" (سورة آل عمران : 92)
ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو كذلك يبين
اللـه لكم الآيات لعلكم تتفكرون (سورة البقرة : 119)
و طبقا للآيات المذكورة أعلاه علينا أن ننفق
كثيرا لخدمة خلق الله تعالى و نبدأ ذلك من أقربائنا الذين يستحقون معاونتنا و لا
نغفل عن المحتاجين الذين يحتاجون إلى ذلك أيضا ، و لايشوب إنفاقنا الريا و السمعة
و كذلك لانفتخر على إنفاقنا.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه :
"أتدرون من المفلس؟ . قالوا : المفلس
فينا يا رسول الله من لا درهم له ولا متاع . قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام
وزكاة ، ويأتي قد شتم هذا ، وقذف هذا ، وأكل مال هذا ،وسفك دم هذا ، وضرب هذا ،
فيقعد فيقتص هذا من حسناته ، وهذا من حسناته ، فإن فنيت حسناته قبل أن يقتص ما
عليه ؛ أخذ من الخطايا أخذ من خطاياهم فطرح عليه ، ثم طرح في النار . رواه
أبو هريرة المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة
أو الرقم: 2418"
و أداء الحقوق لا بد أن يبدأ من حقوق
الوالدين و إطاعتهما فإن القيام بخدمتهما فريضة على الأولاد كما أن الحصول على
الرزق الحلال للأولاد و الاهتمام بتعليمهم و تربيتهم أيضا من حقوق العباد و بعد أن
تتم واجباتنا تجاه والدينا علينا أن نهتم بأداء حقوق الناس الآخرين. و يشمل حقوق
العباد الحق المالي و الحق الأخلاقي و ذكر القرآن ذلك حدوده مرارا و قرر أن مثل
هذه الحقوق هي من أهم أجزاء الإيمان.
إن الأثرياء و الرأسمالين يدخرون الحبوب لكي
يبيعوا بأغلى ثمن و يخترعون الأسلحة المهلكة لكي يحكموا البلاد و يبعون للآخرين
لإفشاء الفساد في العالم كله ولا شك أن ذلك يؤدي إلى عذاب الله الأليم. قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: ـمن يدخر الحبوب و الأشياء الأخرى لكي يبيعوها عندما
يغلى الثمن فيكونوا مذنبين" وقال أيضا:
رحم الله امرأ يختار اللين في البيع و الشراء. (أو كما قال عليه السلام)
من يدخر الأشياء و يخلطون فيها فهم يضعون عن
حقوق الفقراء و يزعجون خلق الله تعالى و يحرمون الطمأنينة و يكونون دائما في قلق و
خوف و هم لا يحسبون أحدا مونسا لهم و يكون أحد مونسا لهم يحزنون عندما يغلى ثمن
الأشياء و يفرحون عندما ترخص الأشياء.
و كان من أقبح الخصائل التي كانت في قوم
شعيب عليه السلام أنهم كانوا يتعودون على التطفيف في الكيل و المساحة و يبعون
الأشياء الناقصة الزائفة. و في العصر الحاضر أن المسلمين يتصفون بجميع صفات قوم
شعيب عليه السلام فإن فيهم الكذب و الافتراء و الإكرام بالأقرباء و تركهم الآخرين
و الوضع عنهم و تخليط الرطب باليابس (مثلا تخليط الدهن الناقص بالسمن و الماء
باللبن و الأرارات و الفلفل بالتراب الأحمر
و الدانيا بمسحوق الخشب و التخليط في الأدوية التي تقي الحياة) والوزن
الناقص و التطفيف و اعتداء الحدود القانونية للحصول على النفع الكثير و الأخذ
بالربا و إعطائه و الوضع عن الآخرين و التكبر و الحسد و التجسس على عيوب الناس و
إظهار الغضب و الاهتمام بحقوق النفس و عدم الاعتناء بحقوق الآخرين و ما إلى ذلك من
الأمور التي قد أهلكت الأقوام الملل إنما كل ذلك يوجد في المسلمين على وجه أتم.
قال الله تعالى في القرآن الكريم أن اليهود
و النصاري لن يكونوا أصدقاء للمسلمين و لكن المسلمين اليوم يحتاجون إليهم في كل
ناحية من نواحي الحياة. ويجدر بالذكر هنا أن البنوك هي من اختراعات اليهود فلو
يؤخذ القرض من أي مصرف لوجب على المقروض أداء خمس ملايين و مأتي ألف روبية ربا.
مرة قال أبدال الحق قلندر بابا أولياء في
حزن عميق:
"قد حدثت قصة عجيبة في ليلة اليوم في
عالم الرؤيا و ذلك أن الملائكة التجوا إلى الله تعالى أن يبدل واجباتهم لأنهم
يحرضون على الحق و لكن ليس أحد يقبله إلا من كان في قلبه حب الله ورسوله و هم
أقلاء و يدعي الناس جميعا بالحق و ينصحون الآخرين و لكنهم ينسون أنفسهم.
وبما أننا نَدَّعِي الجميع بأننا من أمة
الرسول عليه السلام الذي خُلقَ الكونُ كلُّه لأجله فيجب أن نتفكر في أنفسنا هل
نعمل على أقوال الرسول و نقتفي آثاره. كان الرسول عليه السلام دائما يعفو عن الناس
ففينا كم من مسلم يعفو عن الناس ، كان الرسول أمينا فكم منا أمينا و قد منع الرسول
عن إظهار الغضب فكم من منا يجتتب عن الغضب.
و كذلك نهى النبي عليه السلام عن الشح و
الاعتناء بالنفس خذلان الناس و لكننا نهتم بحقوقنا و متطلباتنا و نرجو الآخرين أن
يفوا بنا و لكننا لا نؤدي حقوقهم و ندوس آمالهم تحت أقدامنا وإذا نحب أحدا على
سبيل الفرض فنتمنى منه أن يطيعنا في كل أمر من الأمور ولا يخالف ما نرضى.
و على سبيل المثال أن فتى يحب فتاة لكي
يتزوجها فيقول علنا إنه لو لم يقع الزواج بينهما فلا يتركها حية و يقتلها شر قتلة
و إذا يقال إن الفتاة لاتحبه فلماذا يصر على الزواج فيقول إنه يحبها و يريد الزواج
معها و لايعتنى بأنها تحبه أو تبغضه. هذا هو الاعتناء بالنفس الذي جعله الله من
أقبح الأمور و أبغضها و أهلك الأقوام من أجلها. كما أن تكذيب فكرة الرسل هو الثورة
على حكم الله و الإعراض عن قانون و سنة الله التي لا تتبدل ولا تتغير و هلكت
الأقوام و الملل من أجل التمرد و العصيان.
خواجۃ شمس الدين عظيمي
لقد صدق من قال من كبار الناس إن كل إنسان لابد أن يكون له هدف
لحياته و إلا لايعد من الإنسان مع كونه من ذرية آدم. و مما يجدر بالذكر أن الله
عرف آدم بآدم نفسه و دعاه بكلمة آدم إلى
أن شرفه بعلوم صفاته و أسرار الكون فقال للملائكة بأن يخضعوا لحكمه. وإذا يذكر
الله تعالى التخليق في القراآن يأتي بأنواع من الأمثلة لتوضيح نظام التخليق كما
أنه يقول عن خلق الإنسان:
"ولقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم" (سورة التين )