Topics
إن شخصية حبيب خاتم النبين صلى الله عليه وسلم
قلندر بابا أولياء رحمه الله تعالى حامل العلم اللدني هو خزينة للعلم والعرفان فإن
الله تعالى كما شرفه بأسرار و رموز الكون و صيغ التخليق الإلهي قد شرفه أيضا بذوق
قرض الشعر بلغة أردية فصيحة بليغة و بذلك قد تنورت كلتي الناحيتين للبابا جي رحمه
الله تعالى.
و من أهم ما قرض من الأشعار هي رباعياته التي
عبارة عن تحفة رائعة للشعر الروحاني الذي يبين لنا مواضيع السلوك و الطريقة و
المعرفة كما أنها تلقي ضوء على بؤس الإنسانية و فقدها في العصر الراهن و حقيقة
الإنسان الذي خلق من صلصال كالفخار و معرفة الرب ذي الجلال و عظمته التي لابداية
لها ولا نهاية كما ذكر فيه عالم الجبروت و
اللاهوت والملكوت و نظم المجراة و جذب
الصوفياء و ضلالة الإنسان و الحياة الإنسانية التي تفنى و تغيب و كشف جهات التصوف
و السلوك كما ذكر أحيانا عادات المتصوف الذي هو إنسان لديه ذوق لذة خمر المعرفة
الإلهية و يرضى بما رضي له ربه الكريم. والمختصر إن الرباعيات هي مجموعة أشعاره
التي خزائن مخفية للعلوم والعرفان.
و إليكم ما يلي من بضع رباعياته:
1. الأبيات...............
الشرح:
ليس الإنسان خيرا بأسرار الكون و أسباب و وجوه
خلق الله تعالى الكون لأجلها، و كل ذرة للأرض هي عكس صورة آدم عليه السلام و إذا
تتشكل هذه الذرة الوحيدة شكلا خاصا فيطري عليها الفناء ثم تتشكل الجسم من جديد
وتمشي على طريق الفناء و من خلال التحليل النفسي إن الإنسان قد تعود الصبر على ما
جفا به التراب الأرضي و هذه العملية هي سر من أسرار تخليق الكون.
2. الأبيات...............
الشرح:
من يستطيع أن يقدر عظمة الله الجبار فإنه قد
وضع الكون في كلمة واحدة وهي "كن". و عملياتها لا تعد ولا تحصى فمرة تغير الصحراء القاحلة إلى مدينة عامرة و
مرة تحول المدن العامرة الخضراء إلى الصحراء القاحلة فمرة تتشكل صورة البقاء و مرة
تتصور الفناء. و يا عظيم، يخاطب القلندر بابا أولياء نفسه و يقول : إن الله تعالى
لما أسعده بعنايته الخاصة تحول من ذرة التراب إلى كأس الخمر لمعرفة الله تعالى و
وحدانية فيستقي منه كافة الخلق و يستفيد منه استفادة كاملة.
3. الأبيات...............
الشرح:
ما أقل علم الإنسان، لا يعرف مبدأه و لا
مرجعه، كما أن العلم الذي لايعرف الفقد و
الحصول لا يكون علما و من قلة علمنا أننا لا نستطيع الوصول إلى بحر الحقائق فإن
العلم الحقيقي لا بد للحصول عليه أن نعرف خالقنا و مالكنا و نعرف أولنا و آخرنا و
نعرف الطرازات التي تقوم عليها الحياة.
4. الأبيات...............
الشرح:
مما يعجبنا من قصة خلق الإنسان و فنائه أنه
خلق من التراب العجين و بعد أن طار عليه الموت صار ترابا خلق منه أولا ثم تحول
التراب إلى كأس يتناول منه الناس الخمر فيا عجبا لخلق الله تعالى! و في ذلك آيات و
عبر لمن يتفكرون في خلق الله تعالى و يريدون أن يعرفوا ربهم.
5. الأبيات...............
الشرح:
لاتسأل عن طبيعة آدم أو ابنه أنه ترك أنهار
الخمر الحلوة للجنة و غادر أنواعا من الزهور الملونة و الطيور التي كانت تغني فيها
وتتغرد على أغصان أشجارها ولكن من صفاته التي أودعها الله تعالى أنه لا يمكث في
مكان بل هو عبارة عن الحركة لذلك هاجر جنة النعيم و نزل إلى الأرض لكي يشاهد ما
كان فيه من مظاهر الكون و أشيائه التي تكون دائما في حركة و تغير و تبدل.
6. الأبيات...............
الشرح:
يقول العبد أن كل نفسه كجرعة من الخمر الخالص
و ليس ذلك فقط بل العالم كله كجرعة الخمر لو أتفكر غاية التفكر و إذا كان حدي كذلك
فيكون وجود طربي يتشكل لاوجودا. و جرعتي للخمر هذه تكشف أسرار و رموز حياتي
المخفية فيها عليَّ. و لي جرعة للخمر فقط و سواء كنت أستخدمها في طربي أو في
ضلاتي.
7. الأبيات...............
الشرح:
إذ ينفصل الروح من الجسد فلا يبقى فيه الحس
والحركة و لا يتيسر له شيء من الدنيا إلا ذراعان في الأرض و لكن الجسم أيضا سيفنى
في قبره و يدفن غيره على مكانه. فافهم يا عبد الله إن حياتك و كل ما فيها من
النشاطات المادية هي فانية و هذه الدنيا الفانية هي مقام العبرة لكل من خلق أو
سيخلق إلى يوم الدين.
8. الأبيات...............
الشرح:
إن الدنيا الخداعة التي تخدع بني آدم منذ
بداية أمرها ليست مدتها إلا لمحة من الحياة و استعار الإنسان هذه اللمحة الواحدة
من الحياة المادية فقط فإن كانت هذه اللمحة من الحياة قد مضت في أمور ما لا يعنيه
الإيمان والإسلام من شيء فضاعت الحياة كلها. لذلك يا عباد الله تعالى تفكروا فيما
خلقكم الله تعالى لأجلها و اعملوا بما تتقاضى منا الشريعة الإسلامية الغراء وإلا
سيصير الأسف والحرمان حظا لكم و إذن لايجديكم شيء.
9. الأبيات...............
الشرح:
إن هذه الدنيا العامرة بشتى الخلائق لايمكن
فهمها و إدراكها لإنسان أعطي شيأ من العقل ولو نتفكر فيها غاية التفكر لنفهم أن
الدينا كأنها سحر يزول أثره بزواله أو كأنها ألعوبة تلعب بها الأطفال لمدة ولكنها
تنكسر يوما.
10. الأبيات...............
الشرح:
إن الحياة الدنيوية و لذاتها كجرعة للخمر إن
تيسر فحسن و نعم وإن لم يتأسر فلا ضرر و نقص، لأنني أحتاج إلى خمر معرفة الله
تعالى التي تجعل الإنسان حرا من قيود المكان والزمان.
11. الأبيات...............
الشرح:
إلى متى تجري الاختلافات و النزاعات بين أصحاب
الكنائس و المساجد و الصوامع و إلى متى يقوم الواعظون بإنذار الناس من عذاب جهنم؟
يا ليت أن الناس لو تفتحت عليهم أسرار القدرة الإلهية التي قدانكشفت على أولياء
الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
12. الأبيات
الشرح:
كم من أناس كانت جباههم تشرق كالشمس المشرقة
النيرة لأجل كثرة السجود في الصلاة و تلمع وجوههم لمعان البرق ولكنهم لما دفنوا في
التراب صاروا ترابا، و قد بلعت الأرض عماليق العصر التي لا تعد ولا تحصى، رغم هذه
الحقيقة الصادقة المرة أن الإنسان يمرح على وجه الأرض و يتكبر مع أنه يدفن في
التراب يوما فيفنى هو و جسمه و حسنه و جماله و روائه و بهائه الذي كان يفخر به.
13. الأبيات
الشرح:
إن الملوك
العظام من الفراعنة و شداد و نمرود الذين كانت هيبتهم تتسلط على الناس
فتقشعر وجوههم خوفا و دهشة و الذين كانوا يحكمون البلاد و يستعبدون الناس لم يبق
اسمهم و لا رسمهم. هذا، وفي جانب آخر، كانت قصور الملكوك و الأمراء التي تعانق
الأشجار الطوال في رفعتها و طولها و تواجه الطوفان للمطر والهواء قد تبددت و
انكسرت و صارت أطلالا أصبحت عبرة للناس. فيا من له قلب خاشع و نفس مطمئنة و لسان
ذاكر تيقن أن القصور الفخمة التي تخلب العيون و تبهر الألباب سوف تنهدم و . تتحول إلى تراب تدوسه الأقدام.
14. الأبيات
الشرح:
إنه من الحقيقة أن هناك عالم آخر سوى العالم
الذي نعيش فيه و نلفظ أنفسانا به ولكنه من سوء حظنا أننا لم نبذل سعينا للوصول إلى
ذلك العالم الذي لم تره أعيننا قط، و يمكن لنا أن نقتبس من أنواره لو نعمل بما قال
النبي صلى الله عليه وسلم "موتوا قبل أن تموتوا".و إذن نتوقع أن يكون
الفرح و السرور حظا لنا مهما كانت الظروف.
15. الأبيات
الشرح:
قال الله تعالى: "و كل شيء خلقناه
بقدر" و تعمل المقادير المعلومة في كل شيء وهي التي تميز النوع من الآخر
والفرد من الفرد الآخر و ذرات التراب واحدة ولكن التغير في مقاديرها يأتي بأنواع
من التخليق. وهذه الذرات من التراب تتشكل
الجبال في مكان و الطيور المتغردة في مكان آخر و حينما أن هذه الذرات من
التراب تمتزج بالحياة فتنتشر الألوان المختلفة في الكون و يأتي عالم جديد في حيز
الوجود.
16. الأبيات
الشرح:
و كل شيء في العالم يجري على الموجات التي
تملأ الحياة فرحا و سرورا و طربا و هناء في جانب فهي التي تؤديها إلى المصائب
والآلام. و كل موجة خرجت من النور يكون نورا و إذا يختار النور شكلا و مظهرا فيكون
ضياء و إذا يقل النور يأخذ الظلام مكانه و آدم و ابنه قد اعتقد هذا الظلام عالما
له و فرح بما حصل عليه من أشعة النور.
17. الأبيات
الشرح:
يا ربي! ما أعظم هذا الظلم؟ إننا قد حرمنا من
خمر معرفتك ولم نسعد بزيارتك مع أنك قلت بأن نفسك هو جزاء من صام و قام لك في شهر
رمضان فإن لم أسعد بزبارتك في هذا الشهر أيضا فيكون ذلك حرمانا و أسفا لي في جميع
الشهور من السنة.
18. الأبيات
الشرح:
ليس الفرق بين الخمر والماء. فإن كل واحد
منهما يأتي إلى حيز الوجود تحت صيغة واحدة و الفرق بين تخليقهما أن الصيغ
التخليقية تعمل في الماء مباشرة مع أن الماء تعمل فيه بعد التغير اليسير فيها. و
إن هناك أناسا ينازعون في الخمر ولكنهم لا يتفكرون في الحقيقة التي ليس فيها خفاء
لأحد لأن مآخذ كل شيء من الخمر والكأس هو التراب فقط، و كل شيء سوف يرجع إلى أصله
و يكون ترابا فلا يناسب النزاع للخمر أو الكأس أو أي شيء من الكون.
19. الأبيات
الشرح:
تقول الأصنام بأعلى صوتها ....يا ابن آدم!
لماذا تخدع نفسك ، أنت تراب و سوف تنكسر و تنتشر و تتشكل شكلا جديدا فلماذا تقبل
الهزيمة أمام التراب فإنها سوف يسعدك بالفوز والفلاح و تنجو من الكبر والغرور.
20. الأبيات
الشرح:
إن هذه الدنيا ليس فيها خير ولا شر فإن شيأ
خير لأحد يكون شر لآخر. و يعتبر فيها المعاني والمفاهيم و يترتب على الإنسان معنى
ما يأخذ من الشيء ، فلماذا تضيع وقتك الثمين منغمسا في الدنيا و ما فيها؟ لا تضيع
أنفاسك التي استعرت من الله تعالى و ذلك لأن الذين راسخون في العلم يقولون كل من
عند الله.
21. الأبيات
الشرح:
لماذا أحزن على ما انكسر كأسي للخمر لأن هذا
الكأس قد صنع من ذرات التراب هو الأصل الذي خلقت منه و لا أحزن على موتي لأن الكأس
الذي صنع من ترابي لو انكسر مأة مرة سوف يعود إلى أصله و يصبح كأسا من جديد.
22. الأبيات
الشرح:
أيها الناصح! لقد قال من أنتمي إليه
عبوديتي..."كتبت الأقلام و جفت الصحف" واليوم أن جميع أحوالي التي
تشاهدها هي مقدرة من الأزل و ذلك هو قدري. فيا أيها الناصح ..لن تؤثر النصيحة التي
تقوم بها لأنها قد كتبت منذ الأزل كما أن هذه الأحاديث حول الخمر والكأس أيضا قد
كتبت منذ الأزل. فإن هذه الخمر (الحياة) و هذا الكأس (الجسم) كل ذلك أمر لا يمكن
لأحد تغييره. و يا أيها الناصح إن هذه السعادة هي حظ السعداء و الأشقياء محرومون
بها. و تذكر أنه يأتي يوم عندما تنكسر جميع الموجات و الجاذبية الأرضية و تتحلل
الأجسام المادية.
23. الأبيات
الشرح:
قال القلندر بابا أولياء رحمه الله تعالى في
هذه الرباعية إن الهدف الأصيل للعارفين بالله أن يسقيهم الله تعالى خمر المعرفة و
يكرمهم بأعلى درجة للمعرفة الإلهية و يوفق لهم أن يرضوا بما رضي به ربهم. فإن لم
يتم الحصول على ذلك في خلال المدة القليلة للحياة فيضيع سائر العمر الذي أعطي من
قبل رب العالمين و الحياة التي تذوب شيأ فشيأ تنتشر لحمتها و هدبتها و حينئذ لا
يمكن الحصول على شيء.
24. الأبيات
الشرح:
إن تخليق آدم يمتلأ أنواعا من الأنوار
والأضواء و تختفي فيه آلاف من مظاهر الصناعة الإلاهية، و فيما يبدو في النظر أن
هذا التخليق مركب من التراب (و في اللغة الروحانية لايعنى التراب "الطين فقط" بل هو
مظهر تعمل فيه الصيغ التخليقية و تتشكل الصور المختلفة عندما يحدث فيها التغير و
التبدل) ولكن الأنوار والصيغ التخليقة التي تعمل في خلفياتها هي مظهر ما قيل في
القرآن في بيان أحسن تقويم حول تخليق الإنسان. ولكن من الأسف جدا أن آدم ليس بخبير
بنفسه و لا يعرف نفسه أيضا، فإن عرف نفسه يسهل عليه أن يعرف الصفة الربانية لله
تعالى لأن تخليقه مظهر لصفة الله تعالى الربانية. وخلاصة القول هنا أن هذه
الرباعية هي شرح ما قال النبي صلى الله عليه وسلم " من عرف نفسه فقد عرف
ربه".
25. الأبيات
الشرح:
إن الدنيا لا تخلو حضنها من عباد الله تعالى
الذين أكرموا بنعم الشهود والباطن و إذا يقومون بتحليل أعمال الجمهور يحزن على أن
الناس قد اعتقدوا الحياة الفانية حياة حقيقية و لكنهم يعرفون أسباب اعتقادهم الضالة
حول الحياة الفانية مباشرة و ينادون كحضرة
القلندر بابا أولياء رحمه الله:
إن الفناء هو أعلى من الموت، والاشعور خير من
الشعور ولكن الناس لا يعرفون هذا السر
المخفي لذلك يرغبون في الحياة الدنيوية و إذا اتضح عدم ثبات العالم المادي على كل
شخص فمن يرغب فيه، لذلك أن هذا الخفاء من أعظم حكم الله تعالى.
26. الأبيات
الشرح:
يقوم بابا جي رحمه الله القمر بالجرة ، كما أن
الجرة مملوئة بالخمر كذلك أن القمر مملوء بالأنوار و الأضواء الساحرة التي تعطر
القلوب و تسكن الأعصاب. ضوء القمر هو الذي يكستب كل شيء من العالم الحياة منه و و
ينمو و يترعرع ، فإنه إذا انتهى هذا الضوء ينتهي العالم و ما فيه فلم يبق شيء من
العالم من الخمر و الكأس والجرة و القمر و مافيه من الأضواء، و إن بقي شيء منه
فيكون هو الساقي أي ذات الله سبحانه تعالى.
27. الأبيات
الشرح:
إن جميع أدوار التأريخ الإنساني من الماضي
والحال والمستقبل منقوشة في اللوح المحفوظ، و كل ذرة من الكون تختفي فيها الصورة
التفصيلية لتلك النقوش، فلو نتفكر في الحجر لنجد تلك النقوش و تأريخها. و إذا
يطالع الإنسان الروحاني هذه الأفلام المسجلة يحصل الوقوف على الوقعات الماضية
والجارية والآتية.
إن الصيغ التخليقية التي تعمل في تخليق آدم
تقوم على طراز واحد ولا يقع أي تغير فيها إلا أن المظاهر والأشكال تتبدل وتتغير
بتغير الزمان و لكن أساسها يبقى على حاله كما أن مشاعر الإنسان من الرحم والغضب
والحب والبغض كلها يكون سواء في جميع أزمنة التأريخ ولكن صورتها تختلف باختلاف
الزمان.
28. الأبيات
الشرح:
من أصدق الحقائق أن كل حيوان قد خلق من
التراب، ويراد من التراب اختلاط الألوان التي تحيط جميع أنواع النورالتي تسمى بنور
كل اللون. و هذه الألوان هي التي تظهر في الأشجار و الأثمار التي تحصل عليها من
الأرض و لكن هذا الطراز لا يقوم دائما ، بل يصير ترابا في الوقت الآتي فإن الطيور
والوحوش كلها ليس لها فرار من التراب لأنها خلقت من التراب فلا تفر من التراب و من
جاذبيته و سرعان ما تتحول إلى التراب.
29. الأبيات
الشرح:
يا آدم! هل تعرف ما هي الصيغ التخليقية تعمل
فيك؟ اعلم أن أساس كل شيء من العالم هو التراب فقط. فإن الصقر الذي يسبح في فضاء
السماء رهين بالتراب لأن أعضائه الجسمانية من التراكيب المختلفة للتراب، ولكن السر
الحقيقي للتخليق أن أمر الخالق مخفي في التراب، وهو الذي يصوغ التراب في الأشكال
المختلفة فإن الحصاة و الأشجار و النبات و الإنسان كل ذلك قوالب مختلفة للتراب.
30. الأبيات
الشرح:
إن جميع الحيوانات التي حولنا هي صور مختلفة
تلفط أنفاسها قد خلقت من التراب و يبنى حياتها على المفروضة التي هي أساس الحواس.
فحينما يتحرك الخيال تأتي الحواس المختلفة من السمع والبصر و النطق و الشم واللمس
على ترتيت خاص. و بما أن أساسها التخيل لذلك الحواس الظاهرية ليس سمعنا و بصرنا و
لمسنا و غير ذلك بأمر حقيقي. و بناء على ذلك أن الروحانية تسمي البصيرة أي رؤية
القلب بالرؤية الحقيقية ولا غيرها. قال القرآن الكريم:
"ما كذب الفؤاد ما رأى." (سورة
النجم)
31. الأبيات
الشرح:
إن جميع المناظر و المشاهدات التي تظهر أمام
أعين الإنسان هي الصور المختلفة التي قام بإيجادها الشعور ، و كما أنه قد ذكر أن
البصارة مبنية على الفرض لذلك أن تجاربها و مشاهداتها أيضا مفروضة فقط. فإن أمرا
يكون سببا للفرح والسرور لأحد و يكون نفس ذلك سببا للحزن لغيره و يذهب الناس في
أمر واحد إلى أراء مختلفة مع أن الحقيقة تكون واحدة لا تقبل التغير ولا التبدل. و
لا يخفى عنا أن الدنيا و ما فيها تتغير وتتبدل في حين وآن ، فإن رب مدن عامرة
اليوم تتغير إلى خرابات غدا، فكيف تكون هذه الدنيا المتغيرة حقيقة.
32. الأبيات
الشرح:
يقول القلندر بابا أولياء رحمه في هذا البيت
الرباعي أن الله تعالى قد أكرمني بالعلم اللدني و ميزني من بين مآت الآف من الناس
و سقاني شراب المعرفة و جعلني الصوت السرمدي حرا من لمعان العالم الظاهري و نجاني
من الحياة التي هي رهينة بالقيود المادية. فإن سمعي مبرأ من طول الموجات و لحمتها
و هدبتها. فإني أشاهد كل ما يقع في العالم السماوي و سمعي يتشرف بالأصوات
الماورائية. و هذه النعم التي لم أحصل عليها إلا أن الذات الإليهة قد أكرمتي و
حفتني رحمتها. و قال القلندر بابا أولياء رحمه الله و هو يمدح جده الأعلى في
أبياته التالية:
إنه حفيدك الذي عطشان رغم أنه قد شراب البحور
أكرمه ببحور التجليات الربانية يا شراب الحق و
يا نهر على.
ذكر حضرة القلندربابا أولياء رحمه الله
خواجۃ شمس الدين عظيمي
"أهدي
هذا الكتاب إلى الجيل الجديد الذي سوف يستخدم "نسبة الفيض" لحضرة السيد قلندر
بابا أولياء رحمه الله تعالى و يسعد بالعافية والطمأنينة ويقوم بإبادة ظلال الخوف و
الدهشة التي تتحلق عليه، ثم يدخل الجنة بعد أن يسعد بالحصول على شرفه الأزلي"